أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

مجتمع: أثر الدعاية على النشء


علياء خير الدين


ليس هناك من عملٍ أو فعل أو أمر إلاّ وهو عبارة عن سلسلة مترابطة يبقى عنصراً من مجموعة عناصر إن فقد أحدها خلّت فيه الموازين وحاكى المستوى الدنيوي الدنيء الذي أمرت جميع الديانات السماوية بالترفع عنه.

منذ الشعوب القديمة والتجارة تحمل عنوان المنافسة والكون يحمل هابيل وقابيل حتّى يومنا هذا، وتنقسم المنافسة بين شريفة تهدف للحثّ على التقدم والارتقاء إلى الأفضل في جميع النواحي التجارية والأخلاقية والاجتماعية متكاملة معاً لتكوّن حلقة مترابطة، وبين منافسة تخلو من قيم اجتماعية، أخلاقية لتنحصر في عنصر المادة الدنيوي، وقد رافقت التجارة منذ ولادتها قضية الترويج وتطورت هذه القضية عبر تطور البشرية لتتجسّد في مصطلح الدعاية الذي يهدف إلى ترويج البضائع في العملية التجارية، وبما أنّ هناك طرقاً مشروعة وأخرى غير مشروعة في التجارة انعكست هذه الموازين على عنصر الدعاية وأخذوا بمبدأ الغاية تبرّر الوسيلة، متغافلين عن الدور الأساسي الذي وجدت من أجله الدعاية.

تعتبر الدعاية العنصر الأساسي في فن التسويق، وبما أن التسويق في عصرنا هذا أصبح سلعة رخيصة فقد ارتبطت الدعاية بهذا المصطلح. وأصبحت تقوم الدعاية في لبنان على أساس الإغراء والإثارة باستخدام العنصر النسائي بطريقة مبتذلة خالية من الحدّ الأدنى من القيم، فلا تستغرب إن ظهرت على الشاشة فتاة شبه عارية لتقدم إليك دعاية ماركة سيارات أو دخان أو حتى دواليب ... وليس باستطاعتك الربط بين الفكرتين. أو تشاهد دعاية – والأجدر أن يجدوا مصطلحاً آخر لهكذا نوع من الدعايات – وهي عبارة عن فيلم عاطفي ليقدم إليك ماركة أفلام أو ... وحدّث بلا حرج عن دعايات الثياب الداخلية والأجدر بهم حقاً أن يجعلوها تحت أسماء الأفلام الممنوعة. ناهيك عن عملية الإخراج الدعائي التي يتمّ فيه تصوير الإعلان حيث يشدّ الكبار والصغار ويدفعهم للاقتداء بهم حينما يحادث فيهم النزعة المادية بما يتوافق مع ميولهم وأهوائهم كل يوم مراراً وتكراراً عبر هذه الشاشة الصّغيرة التي أصبحت محطة راحة لكلّ أفراد الأسرة.

كما لا ننسى المنافسة التلفزيونية التي أوصلت الدعاية إلى الانحطاط الأخلاقي، فأيهم يستطيع ركب السفينة بسرعة قصوى ليصل إلى اللاأخلاقية الإجتماعية.
ففي الوقت الذي تسعى فيه جاهداً لتنشئ أولادك على تعلّم القيم الأخلاقية والدينية والسلوكية والتربوية محاولاً إنجاح عملك بشتّى الوسائل، تارةً تلعب دور الأب أو الأم الرعائي وأخرى دور المرشد التربوي وهكذا حتّى تستكمل دورك في مسيرة حياة أبنائك.

مهلاً، لا تستغرب إن قلت إن قاتل أولادك في بيتك، فإذا استطعت أن تحرص على عدم مشاهدة أولادك البرامج المخلّة بالأخلاق العامّة والتربية السليمة، فكيف بإمكانك منعهم عن الدعايات التي تفاجئك خلال البرامج التثقيفية والسياسية والاجتماعية والصحية وبرامج الأطفال.
لا تندهش كثيراً فهذه الدعايات غزت برامج الأطفال لتقطع عليهم انسجامهم وتنقلهم إلى عالم آخر لا ينتمي إلى مجتمعهم ما يولّد التناقض لدى مفهوم الطفل بتلقي اللحظات القصيرة التي تمرّ أمامه تتكرّر في مخيلته لتعود وتترسّخ فيها ضمن مشاهد ولقطات أخرى تغذي ميوله المادية.
فتقف هنا أمام خيارين إمّا أن تسمح لهم بذلك أو تلغي التلفزيون من حياتهم.

بينما نجد الدعاية في الدول العربية كسوريا، الكويت، الأردن والكثير من الدول المحافظة على القِيم الأخلاقية تقوم على دراسة الإعلان من الناحية التسويقية والاجتماعية معاً بربط الإعلان بالمجتمع الذي ينتمي إليه فتطوّع الإعلان لخدمة المجتمع والتقدّم، فتجمع بذلك العناصر المتكاملة لتبقى هادفة. هذا وتجد الكثير من هذه الدول – التي ذكرت – تحترم حقّ الطفل فلا تستغلّ برامجه لعملية التسويق التجارية.
من هنا، نجد أنّ الدعاية في لبنان حالها كحال الكثير من الأمور التي تقدم من دون دراسة تربوية أخلاقية منظمة ومن دون الربط بالمجتمع الذي تنتمي إليه فنجد أنفسنا ننسلخ في هذه الناحية كما في نواحٍ أخرى عن مجتمعنا عبر تلقّي الأجيال الناشئة رسائل بالتخلّي عن قيمها الأخلاقية.
حقيقة إنّ الإعلان قد وصل إلى مرحلة اللاأخلاق ولا نعلم في الأيام القادمة ماذا سوف يقدمون لنا عبر هذه الشاشة بعد أن استنفدوا كلّ طاقاتهم في توجيه الإعلان نحو اللاأخلاقية الاجتماعية.
ويبقى هذا غيض من فيض حضارتنا المزعومة.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع