أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الافتتاحية: الأنا .. جهنم الدنيا والآخرة


رئيس التحرير


دائماً علينا أن نفتش عن أنفسنا لئلا تضلّ الطريق، ودائماً علينا أن نبحث عن ذواتنا كيلا تذوب في حمأة هموم الدنيا وغمومها، ذلك أنّ الإنسان مكلف بأداء الواجبات الإلهية التي تُشكّل المصلحة المحضة له، حتّى لو كان لا يدركها فهي عين الحكمة لأنّها صادرة عن أحكم الحاكمين الذين حذّرنا بدوره من اتخاذ أنفسنا وأهوائنا آلهة لنا حين استنكر الواقع المعاش الذي عليه أكثر الناس فقال عزّ من قائل (أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه)، وقد ذكر لنا في قرآنه المجيد قصة إبليس الذي أبى أن يسجد لآدم لحجةٍ ضعيفة واهية  ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾  وكانت النتيجة الإلهية والحكم الرباني الطرد من الساحة الربوبية وليس مهماً بعد هذا التاريخ الحافل بالتسبيح وآلاف الأعوام من العبادة التي لم تكن تُعرف من أعوام الدنيا أم من أعوام الآخرة، فكان الختام لطاووس الملائكة كما كان يُسمّى، التحوّل إلى رمز الرذيلة والغواية، لأنّ بداية العبادة لم تكن سليمة، بل كانت ممزوجة بعبادة الأنا الشيطانية وهي بالطبع كمين لا يؤتمن لكلّ مكلّف على وجه هذه الأرض، بل إنّ لذّة المناجاة لله سبحانه تفقد أو تضعف عندما يكون لله شريك في قلب ووجدان من يشرك بعبادة ربه أحداً، ويأتي على رأس مفردات ومصاديق هذه الانحرافات صنمية الأنا التي يتحدث عنها العارف الرومي بقوله (أم الأصنام صنم نفسك) ويقول الإمام الخميني المقدّس قدس سره لولده المرحوم السيد أحمد حينما طلب منه أن يكتب له ولكلّ مريد كتاباً في العرفان وأسطراً نورانية يسطّرها إمام العرفان في هذا الزمن "ما دُمنا في حجابنا النفسي" ولا نفكّر إلاّ بأنفسنا، وما دمنا أنانيين فإنّنا شيطانيون ومطرودون من محضر الرحمن، وكم هو صعب تحطيم هذا الصنم الكبير (النفس)... وإنّنا ما دمنا نخضع له وننفذ أوامره فإنّنا لا يمكن أن نكون خاضعين لله ومنفذين لأوامره جلّ وعلا".

وكأن الإمام يريد أن يقول لنا: إفعلوا بكلّ الأصنام فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام، وعندما تتكسّر كلها ولا يبقى إلاّ صنم النفس. فعلّقوا الفأس في رقبة الصنم الكبير، الأجدر بالتكسير والتحطيم من أيّ صنم آخر، فيكمل (قدس سره) "وإن لم يتحطم هذا الصنم، فإن حجب الظلام لن تُزال، ولن تجتثّ أبداً" إلى أن يقول: "إنّ أصل القضية يكمن في هذا الأمر: حيث أنّنا نقضي عمراً كاملاً ونحن نسير نحو جهنّم، ونؤدّي خلال عمرنا الصلاة – ونوجّه وجوهنا إلى أنفسنا وإلى بيت النفس، وكم هو مؤلم أن تكون صلاتنا سبباً لأخذنا إلى أنفسنا وإلى منفانا الجهنمي بدل أن تكون معراجنا نحوه وإلى جنّة لقائه جلّ وعلا".
فيا سبحان الله لهذا المخلوق العجيب الغريب، الذي ربما يقضي عمراً كاملاً وهو في الأثناء يُمني النفس بجنّة الخلد، بينما يسير نحو جهنّم الآخرة لأنّ نفسه الأمّارة تجعله دائماً في جهنم الدنيا ونار المعصية بحكم حاكمية الأنا التي تصهر وتذوّبه وتجعله محكوماً لمعادلتها القذرة والنتنة، ذلك أنّ الأنا يجب أن نتعامل معها تماماً كما نتعامل مع حشرة مؤذية حينما نحشرها في زاوية ضيقة، أما لو عبدنا الله ما شاء الله لنا أن نعبد، وصمنا وصلينا ولكنّنا لم نعالج أنفسنا فإن الصلاة مثلاً والتي هي معراج المؤمن لن تعرج به إلى عالم معدن العظمة، بل تهبط به إلى أودية سحيقة لأنّ ضيّعها وضيّع ورسّخ في تأدية صلاته بيت النفس التي تجره إلى المنفى الجهنمي، فأعاذنا الله وإياكم.
والسلام ...


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع