مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الاستعاذة وسكب الرصاص

عصام البستاني


لا شكّ في أنّ كل الأعمال التي قام بها الأجداد ويقوم بها الآباء والأمهات ووصلت إلينا بجميع أشكالها وفي الغالب نجد أنفسنا نقوم بها احتراماً لمعتقدات المورّثين أو نتيجة للآثار الناجمة عن هذا الاعتقاد أو ذاك من أنّ ابن فلان قد شفي من مرضه بفضل تعويذة كذا وكان على فلانة عين فأزالتها الرصاصة المسكوبة. لا شكّ في أنّ تلك الأعمال وغيرها مستندة أساساً إلى شيءٍ ماديّ وملموس إمّا على المستوى الديني والعقائدي وهو ما بلّغ عنه جبريل لرسول الرحمة محمد صلى الله عليه حين كان مريضاً إثر تعرضه لفعل اليهود وعقدهم له العقد ونفثهم فيها وتسليط الشياطين عليها كما تذكر الروايات وطبعاً (النبي إنما هو بشكر مثلكم) إضافة إلى استكمال المشيئة الإلهية بتعليم البشر والدلالة على عداء إبليس وشياطينه للمؤمنين فكانت تلك السورة القرآنية التي حملها جبرائيل عليه الصلاة والسلام من العلي الأعلى لتكون الواقي والحافظ للرسول صلى الله عليه وللمؤمنين مما يعقدون ويفعلون.

 ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ *  وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَد﴾َ  (صدق الله العلي العظيم).
من هنا، نرى آيات السورة المباركة تدلنا دلالة واضحة المعالم وتضع بصمة الدين على آثار الحسد الذي عشعش في صدور الذين كفروا فصاروا يكيدون للنبي وللمؤمنين.. ولوساوس الشيطان أثرها أيضاً في حركة الناس وخاصة السائرين في طريق الإمان والهداية حيث يقول إبليس   ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾  ويقول لأشاركنهم أموالهم وأولادهم ونساءهم فكان القرآن النازل على قلب النبي صلى الله عليه من الجليل الأعلى رادّاً على إبليس وجنوده  ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾  ونزل للضدّ ضدّه وهو الاستعاذة بالله ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ  * مَلِكِ النَّاسِ  *  إِلَهِ النَّاسِ *  مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ  * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ *  مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ﴾  (صدق الله العلي العظيم).

فقد كانت التعاويذ وكتابة الأحجية عملاً لا بأس به لجهة الوقاية والدراية والحماية بالله وبآياته من شرّ الشيطان الرجيم ومن شرّ الناس حيث يقول ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ﴾ وقد توارث الأجداد عن علمائنا الأجلاّء مرفوعاً إلى أئمة الهدى عليهم السلام التداوي بالقرآن الكريم وبآياته  ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾ ويثبت ذلك دعاء الأمير المعروف بدعاء كميل: "يا من اسمه دواء وذكره شفاء..". لكن ما يزيد عن هذا الحدّ يصبح متنافياً مع العقل من اطلاع على الغيب وإحضار الغائب وجلب الحظ والعمل لحمل الأولاد وغيرها فهذا ما يجب أن ينزّه المؤمن نفسه عنه ودليلنا القرآني في خصوص حمل الأولاد أنّها مشيئة إلهية حيث يقول الله: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾.

أمّا الدعاء لطلب الولد والرزق والإلحاح في ذلك والتذلّل في الطلب من الله القادر الذي يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أُم الكتاب فهو أمر محمود...
أما سكب الرصاص، فقد درج في قرانا ومجتمعاتنا الناس على عادة توارثوها وحضرتني عدّة مشاهد منها: حين دخلت علينا جارتنا ووجدت انهماكنا بولدنا الذي تغيّرت حاله فجأة وذبل ذبول الوردة العطشى واشتدّ صراخه ونحن لا حول لنا ولا قوة ولا ندري ما علته وما نفعل... بادرت الجارة بالقول من زاركم وزرتم من؟ فقلنا لا أحد سوى "فلانة" فتجهم وجههم وقالت أعطوني الصبي "أرقيه" – الرقية هي قراءة بعض الآيات والسور القرآنية وبعض الأقسام وبعض الأدعية على العيون التي أصابت المصاب بما أصابته – "فهذه المرأة المشهورة "بصيبة العين" – يا أختي ليس بيدها أحياناً تأتي المسألة عن حب أو عن بغض"، حملت الطفل وقرأت ما قرأت، دمعت عيونها واشتد تثاؤبها ثمّ قالت لن ينفع ذلك آتوني برصاصة ووعاء ماء وقربوا لي ناراً ففعلنا ثمّ أذابت الرصاص وسكبته في وعاء الماء فوق الصبي مرّة وثانية وثالثة حتّى تفتّت قطعة الرصاص ثمّ قالت ضعوها في قماشة وعلقوها عليه.. فعلنا ذلك ونام الصبي وكأن لم يكن بي شيء...

منذ ذلك الحين، وأنا أتساءل ما هي العلّة في ذلك وسألت كلّ النساء اللواتي عرفت أنّهن يعتقدن بذلك ويقمن به من أين وصل هذا الأمر، وما هو السرّ وكان الجواب المتقارب  ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُون﴾َ  مع يقيني بفعالية هذه المسألة ولمسي إيّاها إلاّ أنّني بت أبحث فلا دليل ديني على سكب الرصاص ولكن انطلقت من مبدأ أن الرصاص مادّة والمادّة مكونة من عناصر بسيطة هي عبارة عن ذرات صغيرة جداً والذرات تحتوي على نواة مركزية تحمل عدداً محدوداً من الشحنات الإيجابية (بروتونات) وتدور حول النواة عدد من الكهارب تسمى الالكترونات (شحنات سلبية) لم أصل بذلك إلى نتيجة فلست عالم كيمياء لكن فضولي وعملي الصحفي من خلال قراءاتي حول صناعة الأسلحة المتطورة والفتاكة "الذرية والنووية" إنّ المادّة الأساسية في تصنيعها هي مواد ذريّة (من الذرة) مشعّة تتفاعل وتتطاير وتساءلت عن طريقة نقلها وضبطها فكان جواب الكتاب الذي كنت أقرأ أنّه يتمّ نقلها بواسطة صناديق من الرصاص حيث أنّه الوحيد القادر على ضبط تلك المادّة وحفظها واستيعابها والرابط بين هذا الكلام وسكب الرصاص أنّ العين حينما تنظر تنقل الصورة أمامها من خلال الأشعة التي تنطلق من العين فتصل إلى ما أمامها من مشاهد فتعكسها إلى الدماغ الذي يحدّد ماهية الصورة ومن البشر من يحمل عيوناً تحمل قدرة عالية من تلك الإشعاعات التي تصيب إنساناً معيناً فتؤثر فيه سلباً ويبقى من هذه الإشعاعات بعض الذرات في جهة أو في ناحية منه حيث كانت النظرة القوية أو الثابتة حينها يكون التأثير بظواهر مرضية نتيجة لاختلال وظائف الجسم بسبب تلك الإشعاعات وحين يقوم الناس بسكب الرصاص فوق جسم المصاب بالعين تمتص الرصاصة الذائبة تلك الإشعاعات وحين تسقط في الماء تتفتت الإشعاعات وتتلاشى وتكون بذلك تقوم بدون المغناطيس الذي يجذب الإبر المتناثرة على الأرض.

وهذا يبين أنّ مبدأ سكب الرصاص هو مبدأ علمي وإذا كانت مجتمعاتنا هي التي توارثت هذا الفعل وتناقلته عبر الأجيال يعني أنّ أجدادنا هم أصحاب نظريات علمية متقدمة لكنّهم لم يجدوا من يتبناها ويطوّرها.. من هنا نرى أنّ العلم والدين هما وجهان لعملة واحدة..
وأخيراً، كلنا يعلم عن بعض الذين يستغلون مرض الناس وحركات وتمتمات ما أنزل الله بها من سلطان ولا أقرّ العقل فيها بمكان. فليتقوا الله في ذلك وليرجع أهلنا إلى الله فهو الشافي والمعافي وهو الذي يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو على كلّ شيء قدير.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع