(15 شهر رمضان المبارك ولادة الإمام الحسن عليه السلام)
أحمد بزّي
ليلة الثلاثاء في النّصف من شهر رمضان، العام الثالث للهجرة. وقف خاتم المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم في دار عليٍّ عليه السلام، وتناول من ابنته فاطمة عليها السلام حفيده الأوّل، احتضنهُ ثمَّ قبّله.
صارت الجماداتُ تتراقصُ فرحاً، وبدا للظلالِ على الجدرانِ ألوانُها.
طفلٌ خدّاه ملساوان كالسّهول، خِلقته منيرةٌ بيضاء، عيناه بامتداد السماء، عنقه كإبريق فِضّة، يشبه رسول الله محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم.
- سمِّهِ يا عليّ. قالت سيّدة النساء عليها السلام.
ابتسم عليٌّ عليه السلام وعيناه تتلألآن، وهو ينظر إلى وجهِها.
- لا أسبقُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك يا فاطمة.
أخذ النّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم خرقةً بيضاء ولفَّهُ بها، ثمَّ قال: "ما كنتُ لأسبِق ربّي".
وصل جبرئيلُ عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "العليُّ الأعلى يقرئك السلام والتهنئة، ويبلغك أنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمِّهِ باسم ابن هارون، سمِّه شُبّر".
- السّلام على موسى الكليم، ولكنَّ لساني عربيٌّ يا جبرئيل. أفصحَ النَّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
- سمِّهِ "الحسَن" حَسَنَ الاسم، والخُلُق، والمَنزلة.
أبلغ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام بذلك، فأزهرتْ فاطمة عليها السلام، وطلبتْ ولدها الحسن عليه السلام إليها. قبّله النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في جبينهِ، ووضعه عند قلبها، وألصق خدَّه بخدِّها.
عادَ جبرئيلُ إلى السّماء، وجدَ أفراح أهلها أشدّ من أعراسِ أهلِ الأرض، فمولود الليلة "سيّد شباب أهل الجنة".