نهى عبد الله
فيما كان الناطور يهمّ بإغلاق باب غرفته بعد منتصف الليل، سمع صوتاً مألوفاً يناديه: "سلامات يا محمّد". انشرح صدره، لقد جاء أحبّ سكّان المبنى إلى قلبه، بادله الابتسامة وهمَّ بحمل الأغراض، لكنّ الساكن لم يقبل: "ما بيحرزوا".
يكفي حضوره أوّل الشهر ليعلم الناطور أنّ لديه ضيفاً ليطلّ عليه سريعاً، دقائق من الودّ، تكفيه الشهر كلّه. فهذا الساكن ليس كغيره، هو الوحيد الذي يتذكّر الناطور في مواسم الأعياد ليقدّم له "عيديّة"، دائماً ما يسأله عن حاله، لم يعبس في وجهه يوماً، حتّى عندما يريد أن يدفع أجرته الشهريّة، يقدّمها مع طقوسه الخاصّة.
في الصباح، انبعثت رائحة زكيّة إلى غرفة الناطور، وصوت خشخشة بعض الأكياس خلف الباب، أردفها طَرْقٌ خفيف بإيقاع سريع كما يعزف الكشفيّون: "تروّقت يا محمّد؟"، سريعاً فتح الناطور الباب، وإذ بظلّه السريع يمرّ بخفّة من الباب، ليجلس على الكنبة الوحيدة في الغرفة، مفسحاً المجال ليجلس الناطور إلى جانبه، تناول معه لقيمات سريعة، غالباً تكون عذراً ليقدم له أجرته، وتحدّثا بودّ وسأله عن عائلته، ومتى يودّ أن يعود إلى بلده "مصر"، وكان يحدثه بلهجة مصريّة محبَّبة، دقائق سريعة لم يشعر بها محمد، وعندما همَّ بالمغادرة، دسّ في يد الناطور مبلغاً من المال،كان زائداً كالعادة، لكنّ الاعتراض لا ينفع مع هذا الساكن.
لم يعلم "محمّد" الناطور حينها أنّها آخر زيارة صباحيّة لهذا الصديق، إلّا في 12 شباط، عندما نعى التلفاز قائداً لا يتكرّر، عرف محمّد مَن هو صديقه... بكى كثيراً، ووضّب أمتعته وقال مغادراً: "سأذهب إلى بلدي، لأخبر الناس هناك كيف يكون القادة، ومَن هو عماد مغنيّة الذي أرعب العدوّ، وهو يلقّم الناطور الطعام".
الضاحية
سلوى
2021-02-07 23:53:39
جمييييييل قائد عظيم جداً
عيتا الجبل
جمانة محمد مرتضى
2021-02-15 10:26:31
مؤثر جداً جداً، ساء لناحية العنوان الجاذب او لناحية السرد بجميع تفاصيله... رائع بالفعل