نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: يـــوم الممرّضـة: تكريمُ الفضائل (*)

 

أبارك لكم يوم الممرّض والممرّضة. كما وأبارك لكم تزامن هذا اليوم مع ولادة السيّدة زينب عليها السلام. وهو أمر مهمّ. فأولئك الذين اختاروا هذا الاسم وهذا العنوان وهذا التاريخ ليوم الممرّض والممرّضة، قد قاموا بخطوة مباركة في محلّها حقّاً.


•زينب عليها السلام الممرّضة الأولى
زينب الكبرى عليها السلام سيّدة بارزة في تاريخ البشريّة، لا في تاريخ الإسلام فحسب. حقّاً هي فريدة. تلك الإنسانة العظيمة، [مصداق قول الشاعر]: "لا تقل هي امرأة فَيد الله معها"(1). ونحن قلّما نجد إنساناً -رجلاً كان أو امرأة- يستطيع أن يخوض غمار الميادين الصعبة بهذه القوّة والصلابة، كما خاضته تلك الإنسانة. قُدّمت هذه السيّدة العظيمة كقدوة في التمريض. وبهذه التسمية حصلت صلة خاصّة بينكم أنتم مجتمع الممرّضين والممرّضات، وبين هذه السيدة العظيمة، وأنا أبارك لكم هذا الأمر.

•مهنة الفضائل الإنسانيّة
التمريض مزيج لطائفة من القيم الأخلاقيّة والفضائل الإنسانيّة الكبرى؛ من الشفقة والحرص، إلى تحمّل المسؤوليّة، فالصبر والحلم أمام الجزع والحالات الصعبة، وصولاً إلى الاهتمام والدقّة والرعاية لمن هو تحت رعايتهم، والصبر والاستقامة، وعدم التذمّر من مشاهدة الصِعاب.

تجد جلّ عمل العامل في بعض الأعمال مرتبطاً دوماً بمناظر الحياة الخلّابة والجميلة. [أمّا] عملكم، فهو مرتبط دوماً بالمرض والمريض والألم والوجع. وأنتم في مقابل ذلك تمارسون عملكم بصبر وتحمّل دونما تذمّر أو إحباط. لذا، فإنّني أقولها عن إيمان تامّ: إنّ تكريم الممرِّض يعني تكريم الفضائل الإنسانيّة.

•نحو مجتمع الفضائل
صحيحٌ أنّ علينا تكريم الممرّض وحفظ حرمته، ولكنّ الأسمى من ذلك هو نشر الفضائل التي قلنا إنّ التمريض يعدّ مزيجاً منها في أوساط المجتمع. يحتاج مجتمعنا اليوم إلى أن تسود الشفقة بين أفراده، وإلى التعاطف وتحمّل المسؤوليّة، والحلم والصبر وما شاكلها. إنّنا نسير اليوم في طريق خطير، بالغ الأهميّة، زاخر بالفخر والاعتزاز.

يجدر بكلّ من يتمكّن من أداء دور في هذه المجالات، بما في ذلك الأجهزة الإداريّة والمنظّمات والوسائل الإعلاميّة ومعلّمو الدين، بل وحتّى الناشطون السياسيّون، أن يعمل على إشاعة هذه الفضائل، والترويج لمن يتحلّى بها في أوساط مجتمعنا.

قبل بضع ليالٍ رأيتُ في التلفاز برنامجاً عرض قصّة رجلٍ موقّر؛ لم يكن صاحب ثروة، ولا مديراً لمؤسّسة، ولكنّه استطاع عبر جهوده ومساعيه وجمعه للمساعدات من هذا وذاك، أن يوفّر أثاثاً وأمتعةً ولوازم لمئات العرسان، وشاهدتُ مخزنه عبر التلفاز. يجب الترويج لأمثال هؤلاء الناس ولمثل هذه الأعمال؛ فإنّ إشاعة الفضائل واجبة في أعناق جميع أفراد المجتمع، وكلّ من يتسنّى له إنجاز هذه الأمور.

•مسؤوليّة مشتركة
إنّ هذا الممرّض نفسه، الذي نثق به ونوكل إليه مريضنا والمصاب بوعكة صحيّة لمراقبته، يحتاج إلى مراقبة كذلك. فلا ينبغي أن يُصاب بالكسل أو الملل، ولا ينبغي لنا أن نفرض عليه ظروفاً تؤدّي به إلى التعب والنصب والضجر والضعف، فالممرّض الذي يضطرّ مثلاً إلى العمل مدّة نوبتين متتاليتين، لا تبقى له طاقة، ولا يُلام على ذلك طبعاً، لا سيّما السيّدات الممرّضات اللاتي يجب متابعة مشاكل عوائلهنّ وأولادهنّ وأزواجهنّ وحياتهنّ الزوجيّة.

وعلى المديرين إيلاء الاهتمام بقضيّة نشاط الممرّضين والممرّضات في العمل وصبرهم وحضورهم في الوقت المحدّد، والاستجابة لمتطلّباتهم العائليّة.

•شريحة مهمّة وحيويّة
ندعو أن يتمكّن الممرّضون والممرّضات من إنجاز مهامهم بمزيد من النشاط، والحيويّة، والحافز، والشعور بالمسؤوليّة يوماً بعد يوم. وهو متوافر فيهم، والحمد لله.

في الختام، نسأل الله أن يمكّنهم من النهوض بهذه الأعمال، علماً أنّها صعبة وتستغرق وقتاً، لكن يجب -بتوفيق الله- شحذ الهمم؛ لأنّ الممرّضين والممرّضات شريحة عزيزة ومهمّة، فلا بدّ من متابعة مشاكلها بجدّ، ومعرفة حقوقها، ومراعاة العدالة تجاهها بشكل تامّ.

 

(*) من كلمة الإمام الخامنئيّ دام ظله لدى لقائه الآلاف من الممرّضين والممرّضات في ذكرى ولادة السيّدة زينب عليها السلام، بتاريخ 1/1/2020م.
1.مضمون بيت شعر للشاعر عمّان سامانی.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع