ويطل شهر شعبان وفي أيامه تسطع الأيام الإلهية كالشموس الهادية لسكان الأرض والسمار، تلك الهدايا والعطايا الربانيّة التي لا ينبغي أن ننساها بل يجل أن نحفظها بأرواحنا ودمائنا لأنها فرع الارتباط بالمولى وسر الاتصال بالباري والعروة الوثقى والحبل المتين الذي لا ينفصم أبداً، إنها أيام الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله وسلامه...
إنها أيام الإسلام العظيم، حيث أشرقت أنواره على كل العالمين لتضيء حياتهم بالسعادة المطلقة.
السلام عليك يا أبا عبد الله
ففي الثالث من أيامه ولد سبط الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وشع نور الوحي في بيت الأطهار حيث قدم من سيحفظ الرسالة العظيمة. فشمّوه في نحره حيث الدماء الطاهرة تهدر كالسيل الجارف في أزمان الفترات لتحطم عروش الطواغيت وهي تجري في عروق الأنصار الذين سيبكون وفي قلوبهم حرارة لن تبرد أبداً إلاّ...؟!
ولد سيد الشهداء، فساد أهل الجنة وشبابها، وبشهادته ظهرت الحقيقة الكبرى وحفظ الدين بقوله صلى الله عليه وآله: "حسين مني وأنا من حسين"، لأن اتصالهما الإيماني أعظم كثيراً من رابطتهما النَسَبية، وبتلك الرحلة العرفانية الرائعة اختصر الحسين الشهيد عليه السلام رحلات الأنبياء وسياحة الأوصياء وجال في الأسفار الأربعة الربوبية ليبقى الإسلام يحمله الأئمة المقتولون المسمومون سراً، حتى...؟!
السلام عليك يا قمر بني هاشم
قمراً شع في ظلمة الليالي... بدراً أنار غَسَق الدياجي.. علّمت الثوار دروس الثورة وأخبرتهم بحقيقة النُصرة، وكان أعظيم دروسك أنك قدمت الولاية على الفوز، فانتصرت أعظم انتصار، حين امتنعت عن استخدام سيفك الذي: "لولا القضاء لما بقي عليها أحد"، ناصراً لدين الله، حاملاً كفّيك.
ستبقى لوعة في قلوب الثوار، ومشعلاً للتضحية والإيثار.
من يأخذ بثارك؟ لا أحدٌ يأخذ بثارك إلاّ...؟!
* ثورة الرايات السود
شعبان العام اختلطت فيه الأفراح وهللت معه أزهار الثورة الثلاثة عشر لتبعث إلى العالم طيبَ ذكرى صدر الإسلام ورائحة شقائق الشهداء الذين غرسوا بدمائهم أوتاد حكومة الصالحين، وهناك، في كل يوم تنبت شجرة تحكي للأئمة عليهم السلام شوقها وتبث إليهم عذاب الفراق.. فرايتهم الخراسانية انطلقت لتقف في وجه المستكبرين ولتعلن للملأ استمرار نهج السيد الأكبر...
والشعب لن يحتفل هذا العام في جمران، بل سيزحف بمجموعه إلى "بهشت زهراء عليها السلام"، فيمر وسط شقائق "15 خرداد" ويعبر إلى جانب رياحين "جامعة تهران"، فيقف هنيهة عند زهور الحرب المفروضة في خرمشهر وسوسنكرد، ويلتفت إلى رايات فاجعة السابع من "تير" حيث مهندس الثورة وإخوانه والمفكر العظيم: وتنهمر الدموع بذكرى بكاء السيد الأكبر عليه. ولا ينسى الجمع أن يلبى عند شهداء بيت الله الحرام.. حتى يصل إلى حرم الولي العارف والشجاع الأمين ليخبره بآهات الأسرى وآلام كربلاء والنجف وعاملة والقدس:
أن الثورة مستمرة، حتى...؟!
* مولد النور
ستبقى القلوب حَرة حتى... ظهورك
وسيبقى الإسلام أسيراً ومعالمه مطموسة وأعلامه منكوسة وسننه مجهولة وجواهره مخفية حتى ظهورك... ويبقى الثار والوتر موتور حتى ظهورك...
ستبقى الثورة براياتعها وقيادتها وسيدها مستمرة حتى ظهورك...
فهناك تُطفأ لوعة الأحزان ويُثأر للدين القويم وتظهر معادن الدين وتسطع لآلئه وينتقم من المستكبرين فينهض الشهداء فرحى:
إنه مولد النور.
* مناجاة الشهر
وفي أيام الله كلمات الله تصدح من معادن النور وتخرج من أبواب العلم في كل يوم منه:
إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معادن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك.. إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ولاحظته فصعق لجلالك...