مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نفحات وجدانية: إيه أيها الحسين...




.. من كان ينام في عيني الآخر قريراً أكثر؟ أنت في عين جدك البصير الكبير؟ أم أخوك الحسن؟ وأنت الأصغر وهو الأكبر!.
ويا للحسين! تبقى أنت في ضلعي المباهلة ونبقى – نحن – أبداً نسأل: هل احترقت الثورة في عينيك وترمدت؟ أم أنّها نامت في مقلتيك؟ تترقب مطلق ساعة من ساعات العمر حتّى تكون هي رمقاً من الثواني التي ينبض بها وريد البطولات الصافية والمحققة مجتمع الإنسان؟!!
إنّها المأساة لا التي انتهت بمقتل الحسين عليه السلام وأهل بيته وليست هي التي انتهت بقطع رأسه وحمله هدية إلى المريد الجديد يزيد!!
صحيح أنّها همجية ينفر من تقبلها مطلق إنسان وإنها تجديف يجرد كل مجتمع تحصل فيه من كلّ قيمه الإنسانية.. وتصنفه دون الدرك الحيواني المتوحش..
ليست المأساة تلك التي هزتني، وإن تكن قد قهرتني وقصفتني إلى ذلك لا يمرغني به إلاّ إنسان كافر في مجتمعي..
إنّها المأساة في أن نكتب الكلمة ولا نعرف كيف نقرأها.

لا – لم تكن مسيرة الحسين من مكة إلى العراق نزقاً موصلاً إلى جنون الانتحار – إنها كانت مسيرة الروح، والعقل، والعزم والضمير إلى الواحة الكبرى التي لا يرويها إلاّ العنفوان والوجدان. إنّ مجتمعاً يخسر معركة العنفوان والوجدان، هو المجتمع الذي لم يتعلّم بعد كيف يكتب ولا كيف يقرأ كلمة المجد أو كلمة الكرامة في حقيقة الإنسان.
ومشى الحسين من مكة وأهل بيته جميعهم في محمول القافلة. ومعه أبوه الرابض هناك في النجف الأشرف، وأمّه الثاوية، هنا في البقيع.. وأخوه المتزمل بجبته البيضاء، وجده الممدود فوق المدى.. ومعه الرسالة في القرآن.. ومعه الغيرة على مجتمع فك جديداً من أساره وأُعيد من غياب طويل حتى يتعلم كيف يكتب الكلمة وكيف يقرؤها للحياة.

أنا لا أقول أن الحسين قد تأبط كل هؤلاء الرزم وسار من مكة إلى كربلاء ليرميهم جميعاً فوق رمالٍ محروقة بالعطش... إنما جاء والمعين يجري من بين راحتيه، والكلمة العزيزة ترقص مغزولة في عينيه، لقد جاء بالمحاولة الكبرى، فإنّها – سيكون لها – مع كلّ غد، وقع يلفظ الحرف، ووقع يؤلف الكلمة. يكفي الصدى، بقاياه تتعبأ بها حنايا الكهوف، ويستعين بها المجتمع النائم، لصياغة حلمه، فيفيق ويعود يبني نفسه من غبار المعمعة.

لا، لم تكن مسيرة الحسين غير ثورة في الروح لم ترض بسيادة العي، والجهل والغباء، ها هو اليوم، يقوم بقدوة حمراء.. هكذا قالت له الإمامة الهاجعة في ضميره والمفسرة في التصرف الأحمر..
تلك هي المسيرة.. وتلك هي الكلمة خطها وتلفظ بها عنفوان الحسين، وتلك هي المأساة: تقرأ ثورة الروح انتحاراً، وتقصيف السيوف في ساحات الدفاع عن الحق انتحاراً، وبذل النفس من أجل قيمة في الحياة انتحاراً، والجرأة في وجه الحاكمين الظالمين انتحاراً، والمطالبة بمنعة المجتمع الصحيح انتحاراً..
"إنّ الحسين شرارة الكلمة.. وهل يبنى مجتمع صحيح بغير فعل هذا الشرار؟"

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع