في الحقيقة هذا المثل ينطوي على معانٍ ومفردات غير إنسانية نظراً لما يدعو إليه ويشجع على فعله... لذلك أخي القارئ سنضع هذا المثل في ميزان المحاكمة والإنصاف لنبين مدى خطورته وبالتالي لنبين الموقف السليم منه.

فمعظم الناس يفهمون هذا المثل على أنّه تبرير للتهجم على الناس والاعتداء على مصالحهم أو حتّى لاستغلال المستغل ذلك الذي يضرب بعرض الحائط كلّ القيم والمعايير الإنسانية في سبيل مصلحته الخاصّة حيث تراه في أيّ موقف له يردّد قائلاً: "إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" وكأنّ المجتمع مجتمع ذئاب، القوي فيه يأكل الضعيف والغنيّ يقهر الفقير والحاكم يستبدّ بالمحكوم وغير ذلك... ما يترك في النفوس شعوراً بالخوف وعدم الأمام حيث كلّ فرد يسعى إلى البحث عن ملجأ يحميه إذ لا ثقة ولا استقرار ولا أمن ولا طمأنينة..

هذه باختصار أبرز دلالات ومضامين هذا المثل الخاطئ والشائع في أوساطنا، وأظنّ أخي القارئ أن من حقّنا محاكمته ووضعه في ميزان العدالة... ولذلك نقول إنّ هذه المقولة تتنافى مع الأسس والمبادئ الإنسانية السامية إذ أنّ الإنسانية وكما تعرف أخي القارئ هي التعاون والمحبة وحب الخير وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، وهي المسارعة إلى فعل الخير بدل المسارعة إلى الفتك والتهجّم وهضم الحقوق. في حين نجد هذا المثل يعبّر عن نفسية مريضة بالأنانية بالدرجة الأولى وبالاستغلال وحب المصلحة الشخصية حتّى ولو على حساب المصلحة العامّة. كما ونجد فيه أيضاً، تبريراً للمعتدي والمغتصب حيث تصبح مفرداته سلاحاً له في أيّ موقف أو أيّ تصرّف.
على كلّ حال للشرفاء لغة خاصّة مناقضة تماماً لهذا المثل...
فالشريف هو الذي يقول:
إذا لم تكن متعاوناً أكلتك الأنانية.
وإذا لم تكن مقاوماً قهرتك العبودية.
وإذا لم تكن محباً للخير أحرقتك الكراهية.
وإذا.. وإذا.. إلى غير ذلك من معانٍ تصبّ في جوهر الإنسانية ومعانيها السامية الحميدة.