*مقدمة
الصراع بين الحق والباطل حتمية تاريخية، وهو صراع يفرض نفسه على التاريخ فيحرك عجلته كما أنه يصبغ حركة البشرية ببصماته وإن كان عنوان التدافع والتقابل بين البشر تبعاً لاختلاف المصالح وتباينها هو الأصل في هذه الحركة. ويأخذ الصراع بين الحق والباطل أشكالاً مختلفة مع بقاء الماهية، وفي كل زمان ومكان يتجسد الصراع في طبيعة ماهوية تتناسب شدَّة وضعفاً مع نسبة التباين بين حقَّانية الحق وبطلان الباطل من جهة وكذلك مع نسبة الاختلاف في موازين القوى بين هذين المحورين من جهة ثانية.
* حتمية النصر الإلهي
وفي هذا الزمن، وفي منطقتنا بالتحديد، هناك شكل جليّ للصراع بين محوري الحق والباطل، فمن جهة يقف رجال من أتباع أهل البيت عليهم السلام في مواجهة شرار خلق اللَّه اليهود المحتلين لفلسطين، وهنا تبدو المواجهة بصورتها الناصعة، فالحق في أبهى صوره (المسلمون المؤمنون الملتزمون الموالون المطيعون) والباطل في أجلى صوره (اليهود الجناة الغلاظ العاصون الطاغون المستكبرون قتلة الأنبياء والأولياء والغاصبون لإحدى المقدسات) وفي هذه المواجهة قد يرسم التاريخ مسارات متعددة، إلا أنه لن يرسم سوى نهاية واحدة هي النصر، لكن هذا النصر مع كونه حتمياً إلا أنه يخضع أيضاً لمقدمات تعتبر ضرورية، لأنها تتدخل في توجيه المسار من حيث السرعة في حسم المعركة وطبيعة الجيل الذي ستتوفر فيه الشروط ذاتاً، وسيوفر المقدمات اللاّزمة خارجاً لحسم الأمر. فمع الوضوح في النتيجة إلا أن المسار الموصل لها والزمن المؤدي إليها والجهة المحققة لها، كلها أمور غير حتمية فهناك امكانية لحصول هزائم للمؤمنين على طول الطريق لكنها هزائم لا تكون نهائية، وتكون بمثابة الدروس لتصحيح وتقويم الإعوجاج، ويستطيع المؤمنون بعدها أن يعاودوا الكرَّة ويحاولوا من جديد، وهكذا يمكن أن يتكرر المشهد هزيمة بعدها انتصار أو انتصار بعده هزيمة إلى أن يتم توفير المقدّمات اللازمة لتحقق النصر النهائي المتمثل بإزالة إسرائيل من الوجود.
وطالما أننا في حزب اللَّه قد وضعنا نصب أعيننا وبوحي دعوة الإمام الخميني قدس سره والتكليف الشرعي محاربة العدو الإسرائيلي حتى النصر النهائي هذا الانتصار الذي يبدو لكل مطلّع عاقل بأنه سيكون إلهياً وربانياً بناءً على التفاوت الكبير في ميزان القوى لذا فإننا معنيون، ولكي نصل إلى الهدف الذي هو نصر إلهي، أن نهيء المقدّمات ونوفّر الشروط اللازمة لتحقيق هذا النصر الإلهي على أيدينا؛ فما هي هذه الشروط والمقدمات؟
*الشروط والمقدمات اللازمة للنصر
من خلال تتبع الآيات القرآنية نجد أن هناك ثلاثة عوامل أساسية لتحقيق النصر، فما هي يا ترى؟
* الإيمان
العامل الأول والأساسي هو الإيمان ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد﴾ (غافر: 51) ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: 47). والإيمان بالمعنى الأعم هو الالتزام بولاية أهل البيت عليهم السلام ولكن تتبع السيرة والبحث في ثنايا الروايات يوصل إلى حقيقة مفادها أن الإيمان المطلوب هو أخصّ من هذا المعنى، فقد توفرت العناصر الكثيرة المؤمنة بهذا المعنى، لكن سرعان ما بدت غير مؤهلة لتحقيق النصر، لذا فإن الإيمان الذي نتحدث عنه هو نفسه الذي تحدّث عنه اللَّه تعالى في القرآن الكريم عندما ذكر المؤمنين الذين يمتازون بمواصفات خاصة نذكر أهمها:
المحافظة على الصلاة والخشوع فيها.
إيتاء الزكاة.
حفظ الفروج.
أداء الأمانة.
رعاية العهد.
عدم الريبة في دين اللَّه.
الجهاد في سبيل اللَّه.
الوجل عند ذكر اللَّه.
الذين تزيدهم آيات اللَّه إيماناً.
الذين يتوكلون على اللَّه.
الذين هم اخوة.
الذين تنفعهم الذكرى.
والشواهد على ذلك من القرآن الآيات التالية:
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ..﴾ (المؤمنون: 1 - 9). ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ (الحجرات: 15). ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (الأنفال: 2 3). ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ (الحجرات 10). ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الذاريات: 55). ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾ (التوبة: 18). ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾(البقرة: 165).
* ابحثوا في أنفسكم عن مواصفات المؤمنين
هذه بعض المواصفات للمؤمنين كما وردت في القرآن الكريم والآن لنحاول مقاربة هذه الصفات في أنفسنا ولنسأل أنفسنا:
1- هل أحافظ على الصلاة في وقتها، وأين هو برنامجي الخاص للصلاة ولمقدماتها من حيث البقاء على الوضوء والاهتمام بالآذان والإقامة والتعقيب بالدعاء وبتسبيحة الزهراء عليها السلام، وهل أنا خاشع أم جاف، حاضر القلب أم غافل؟
2- هل أني بعيد عن اللغو معرضٌ عنه، أم أني مقبل على السهرات اللّغوْية أو الألعاب الأخرى المضيِّعة للعمر المفوتة لفرص اغتنام الأمل قبل حلول الأجل؟
3 - هل أعمِّر مساجد اللَّه، وأتردد عليها؟ وما هو برنامجي الأسبوعي لذلك، وهل أدعو اللَّه وأتوسل إليه بأوليائه في ليلة الأربعاء وهل أدعوه بلسان الأمير عليه السلام في دعاء كميل كل ليلة جمعة؟
4 - هل التزم بأداء الخمس أم أتهرب منه وأحاول أن أختلق بعض الحيل والطرق لكي أتخلص منه، مع أنه حق للَّه ولوليه ومع عدم أدائه فإنه يورث النقص في الرزق والقصر في العمر والشح في البركات؟! وهل أنفق شيئاً في سبيل اللَّه أم أني أبخل؟
5 - هل أحافظ على العفَّة والالتزام؟ أم أنني أعرِّض نفسي لإثارة الهوى والشهوات من خلال ما أشاهده يومياً على بعض قنوات الستلايت؟ وهل أحافظ على آداب العشرة والابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد؟
6 - هل أؤدي الأمانة التي قال عنها الإمام السجاد عليه السلام "أدُّوا الأمانة فلو أن قاتل أبي ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته إليه"(1)؟
7 - هل أراعي العهد مع اللَّه في تحمل مسؤولياتي تجاه رسالته في حفظها وتجاه عباده في خدمتهم؟
8- هل أجاهد في سبيل اللَّه حق الجهاد، أم أبخل على هذه الرسالة بأقل العطايا والتقديمات، هل أوطن نفسي على الشهادة؟ هل فكَّرت يوماً بأن أعطي أكثر مما آخذ وأن أبذل أكثر مما أجني؟
9 - هل أني أخاف من اللَّه، أتورع عن محارمه، وهل أخشع عند تلاوة آياته وهل أوجل عند سماع ذكره؟ أم أني غافل غليظ القلب لا تؤثر فيَّ الآيات والأذكار؟
10 - هل أني إذا سمعت آيات اللَّه أُنصت إليها وأستفيد منها وأتزود منها وازداد بسببها إيماناً؟ أم أن غشاوة الدنيا، وحبها قد حالا بيني وبين الإصغاء إلى آيات اللَّه؟ وهل أداوم على تلاوة آيات اللَّه أم أنا من الهاجرين للقرآن؟
11 - هل أني أتوكل على اللَّه في أعمالي؟ أم أتَّكل على أفعالي وجهدي وعلى الآخرين من الضعفاء أمثالي؟
12- هل أعيش الأخوّة تجاه المؤمنين أم أتحامل عليهم واستغيبهم وأحسدهم؟ هل أحب الخير لهم؟ هل أزورهم وأصلهم أم أنا قاطعٌ لهم؟ هل أتواصى معهم بالحق، وأرعى شؤونهم أم أني جافٍ لهم ولا أهديهم لعيوبهم؟
13- هل أني اعتبر من الذكرى، ومن الأمثال والدروس ومن المواعظ والحكم ومن الموت والحياة والحوادث والأمراض والبلايا والعاهات؟ أم أني أمر عليها مر الكرام وكأني غير معني بها وكأني آمن من الموت وحلول الفوت؟
14 هل أني أشد حباً للَّه؟ أم أن حبي للمال وللبنين وللنساء وللدنيا أشد من حب اللَّه؟
* النموذج اللازم لتسديد اللَّه
وبناءً عليه فإني كفرد من أفراد مسيرة حزب اللَّه المنوط بها مهمة المواجهة المستمرة مع العدو الإسرائيلي، معني على المستويين الفردي والاجتماعي بوضع برنامج سلوكي وعبادي على مدار الأيام والأسابيع والأشهر، فعلى المستوى الفردي فإني مكلّف أن أنأى بنفسي عن النار وأنجو بها يوم الهلاك، وأكون من أهل الجنة والنعيم، وعلى المستوى الاجتماعي فإني معنيّ بإصلاح نفسي لأساهم في توفير شرط الاستقامة اللاّزم لرعاية اللَّه وتسديده لهذه المسيرة ولهذه الأمة، وكم هو جميل أن نسعى لنعيد إلى الواجهة صورة ذلك المنتمي إلى حزب اللَّه الذي يملك روحية التدين العالية والذي يشار إليه بالبنان من قبل الناس والذي لا يفارق المسجد والذي يعاشر الناس بأدب، والذي يمشي على الأرض هوناً والذي لا يتكبر على العباد والمعروف بالذكر والعبادة والخشوع وأداء المستحبات والمداومة على دعائي التوسل وكميل وعلى صلاة الليل والمشهور بأنه من عشاق الإمام الحسين عليه السلام ومن الذين يداومون على زيارة عاشوراء والمشهور بأنه من الذين ينتظرون صاحب الزمان عجل الله فرجه ويعدون العدة لمؤازرته ومن الذين يدامون على قراءة دعاء العهد كل صبيحة ودعاء الندبة كل جمعة والمعروف بالاهتمام بالقرآن وبتلاوة آياته والمعروف أيضاً بحسن الأخلاق والتواضع والزهد وصلة الرحم والعفة والحياء وعدم الانكباب على الدنيا. إننا بحاجة إلى هذا النموذج الذي يجعل المسيرة متلألئة تلألؤ النور الذي يسدِّد اللَّه به عباده المخلصين وتلألؤ النصر الذي يقرأ عنوانه في جباه المؤمنين الذين كتبه اللَّه على نفسه حقاً، "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين".
* الولاية:
أما الشرط الثاني لتحقق النصر الإلهي فهو الولاية: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (المائدة: 56) فالغلبة لحزب اللَّه متوقفة على الولاية للَّه من خلال الإيمان به، وللرسول من خلال الالتزام بشريعته، وللذين آمنوا من خلال الولاية لأئمة الهدى من علي عليه السلام إلى آخر أحفاد النبي صلى الله عليه وآله المهدي المنتظر عجل الله فرجه أرواحنا فداه. والموالي الحقيقي في عصر الغيبة هو الذي يرجع أموره إلى من أوجب الإمام المهدي عجل الله فرجه أتِّباعه وطاعته والرجوع إليه من ولاة الأمر المعروفين بالعدالة والتقوى والعلم والاجتهاد والإدارة والحكمة والقيادة من الذين يشهد العقل كما النقل على ضرورة أتَّباعهم من أجل ضمان سلامة النهج مع غياب الإمام المعصوم عليه السلام.
* المعنى العملي للولاية
وإن الولاية الحقيقية لها مظهر أساسي يعبِّر عنها ألا وهو الطاعة، التي بدونها لا تتحقق الولاية، فكم ادَّعى أناس على مر التاريخ بأنهم موالون لأهل البيت عليهم السلام لكن عند الاختبار والابتلاء والشدائد وفي المحطّات الصعبة كانوا يخذلون إمام زمانهم المفترض الطاعة، وهذا ما حصل بالفعل مع أئمتنا عليهم السلام من الإمام علي ابن أبي طالب إلى آخر الأئمة أرواحنا لهم الفداء، وكانت محطة عاشوراء خير شاهد على أن الولاية الحقيقية هي الطاعة والنصرة. واليوم نحن بأمس الحاجة إلى الولاية بالمعنى العملي أي الطاعة، التي هي أساس التوحد والانسجام الذي هو مقدمة ضرورية لنزول التأييد والبركة الإلهيين وبالتالي لتحقيق النصر، فها هي معركة أُحد خير شاهد على أن الإيمان وحده لا يكفي لتحقق النصر بل لا بد من الالتزام بالولاية والطاعة للقيادة، فإذا أردنا أن نُوفَّق للانتصار وأن نُبعد هذه المسيرة عن خذلان اللَّه تعالى فعلينا أن نتعبد بالطاعة للقيادة، وهذا الأمر يستوجب أن نتعقّل الأمور التالية:
أولاً: ضرورة إعادة البريق والتلألؤ إلى عنوان التكليف الشرعي الذي هو قطب الرحى في مسيرتنا وهو الذي يميزنا عن الآخرين من الذين يؤمنون باللَّه وبرسوله وبأهل البيت عليهم السلام وأن نهتم بسريان هذه الروحية بشكل أوسع في شرائحنا وجماهيرنا.
ثانياً: الاهتمام بطاعة ولي الأمر كقائد وكمرجع، كولاية ترعى أمور المسلمين وكمرجعية لها من البينات الشرعية ما يعزز نشرها والدعوة إليها.
ثالثاً: ضرورة الاحتياط في موضوع التكليف بالمعنى التنظيمي وتنزيله منزلة التكليف الشرعي من أجل الحفاظ على روحية المسيرة والعاملين فيها ومن أجل الحفاظ على النتائج والآثار للأعمال الصالحة.
رابعاً: أن نهتم بالاستماع إلى أقوال وخطابات وبيانات سماحة القائد المفدَّى والذي يعبر عن الحق في هذا الزمان فنأخذ بتوصياته وتوجيهاته.
خامساً: أن نقرأ جيداً النهج الذي خطّه الإمام الخميني قدس سره وأن نعلّم الأجيال الناشئة هذا النهج حتى لا تتسع المسافة بين الإمام قدس سره وبين الأجيال التي ازهرت بعد وفاته.
* الجهاد:
أما الشرط الثالث فهو الجهاد: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت: 69) ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ (الأنفال: 17) ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ (الحج: 40). بدون الجهاد فإن الإيمان والولاية لا يكفيان لتحقيق النصر، فهو لن يأتي بالدعاء ولا بالمعجزة بل بتدخل إلهي يواكب ويساند تدخل البشر الذين يُعْمِلون إرادتهم وعزيمتهم، فاللَّه يضاعف الأجر والثواب ولا ينشئُه أو يؤسسه، واللَّه يضاعف آثار الأعمال وينميها ويزكيها، فالجهاد مقدمة عملية ضرورية من أجل التوفيق لحصول النصر، وها نحن بصدد معركة عنوانها الجهاد والفداء والتضحية، وهي معركة مصيرية وحاسمة بالنسبة لواقع المسلمين عموماً كما أنها حاسمة على مستوى المنطقة وقد يكون لها مضاعفات على مستوى العالم أجمع، والمؤمنون في هذا الخندق لبنان يمثلون رأس الحربة في معركة الدفاع عن الأمة وعن المقدسات وفي حال استطاعت هذه الحربة أن تلج في جسم العدو أكثر فإن الأمة تصبح أكثر أمناً واطمئناناً، وكلما استطاع العدو أن يفلّ من هذه الحربة كلما أصبحت الأمة أكثر تهديداً وخوفاً على مستقبلها وهويتها وثرواتها.
* الاستعداد للجهاد
وهنا لا بد أن يتساءل كل فرد منا عن موقعيته في هذا الجهاد، فإن هذه المعركة هي الفتح المبين، فهل سيكون من القاعدين أم المجاهدين، وهل سيكون من الهاربين أم الزاحفين، وهل سيكون من الثابتين أم المتزلزلين، ويجب أن يتساءل من الآن ماذا أعد لتلك المعركة على المستويات التالية:
1- الإرادة والعزم والقدرة على الصمود.
2 - الاستعداد البدني والجسدي.
3 - التدريب العسكري والقدرة على ممارسة القتال.
وبناء عليه، فإن برامج خاصة لهذا الاستعداد يجب أن نقوم بها وأن نحفز كل الأخوة للمشاركة فيها وأن نسعى للوصول إلى أعلى درجة من الجهوزية وإلى أعلى مستوى من الاستعداد وإلى أكثر عدة ممكنة وأكثر عديد جاهز للقتال وبعد ذلك ومع الإيمان والاتكال على اللَّه وحسن الانقياد للولي فإن اللَّه معنا وهو ولينا ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
في الخلاصة
هناك حاجة على المستويين الفردي والاجتماعي لأن يصلح كل واحد منا نفسه والسبيل إلى ذلك هو برنامج عبادي يضعه كل واحد منا يتناسب مع امكاناته واستعداداته ويحاول من خلاله أن يصل إلى أعلى درجة ممكنة من الإيمان بحيث لو حاولنا جميعاً أو حاول أكثرنا القيام بذلك فإن هذا السعي سوف يكون الظرف المناسب لتحل علينا بركات السماء ولكي ينزِّل علينا سبحانه النصر والظفر ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.