مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب بقية اللَّه‏: الصفات السبع لأصحاب القائم‏

الشيخ نعيم قاسم‏

 



تبرز التهيئة للإمام الحجة عجل الله فرجه من خلال مناصريه وجنده الذين يتميزون بصفات لا تخفى على أحد، حيث لا يكفي إعلان التأييد للإمام عجل الله فرجه من خلال الموقف النظري، وإنما من خلال التحلِّي بصفات الإسلام التي ذكرَتها الروايات المختلفة، كمؤشراتٍ دالَّة على أولئك الذين سيناصرون المهدي عجل الله فرجه وسيقاتلون الى جانبه. وما علينا الا أن نتعرَّف على هذه الصفات لنجسدها في سلوكنا، إذا كنَّا نريد تهيئة أنفسنا لهذا الدور العظيم والمسؤول.

فلنقرأ معاً هذه الرواية المعبِّرة عن مميِّزات جند الإمام المهدي عجل الله فرجه للإمام علي عليه السلام: "اللهم، وإني لأعلم أنَّ العلم لا يأزر كله، ولا ينقطع مواده، وإنَّك لا تُخلي أرضك من حجةٍ لك على خلقك، ظاهرٍ ليس بالمطاع، أو خائفٍ مغمور، كيلا تبطلَ حُججك، ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم، بل أين هم وكم؟ اولئك الأقلُّون عدداً، والأعظمون عند الله جل ذكره قدراً، المتَّبعون لقادة الدين: الأئمة الهادين، الذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجمُ بهم العلم على حقيقةِ الإيمان، فتستجيبُ أرواحهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما استوعَرَ على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون، وأبَاهُ المسرفون، أولئك أتباع العلماء. صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه، ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم، فأرواحهم معلقةٌ بالمحلِّ الأعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرسٌ صمت (لا يُسمع لكلامهم) في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحق، وسيحقُّ الله الحق بكلماته ويمحق الباطل. ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم، وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن، ومن صلُحَ من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم"(1). نستخلص من هذه الرواية أبرز الصفات كالتالي :

1- الأقلُّون عدداً: فلو قارنَّا أعدادهم بأعداد أهل الباطل، لوجدنا أنهم الأقل عدداً في مجتمعهم، بل بالمقارنة كذلك مع المجتمع العالمي عليهم أن لا يستوحشوا من قلة العدد، ف ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور (سبأ: 13)، وهم أصحاب الحظوة الذين وفقهم الله تعالى ليكونوا في عداد أصحاب الإمام عجل الله فرجه.

2- المتَّبعون لقادة الدين: النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، ومن بعدهم العلماء الربانيون على خط الولاية، إذ لا خلاص للمؤمن من دون قيادة توجهه وترشده إلى مواقف النصرة لخط الإسلام الأصيل، في زمن الفتن وكثرة المدّعين لسلوك الطريق المستقيم، خاصةً عندما يرتبط الأمر بتحديد أولويات واجبات الأمة، وتعريفِ أعدائها الذين تجب مواجهتهم، والأخطارِ التي يجب التنبه لها..
.
3- المتأدبون بسلوك قادتهم: قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (الأحزاب: 21)، فالسلوك تعبيرٌ صادق عن الالتزام بالمنهج، وعلى المناصر للمهدي عجل الله فرجه أن يتأدب بآداب وأخلاق الإسلام، في علاقته مع أسرته ومجتمعه وجميع الناس، ليعطي بذلك الصورة الصحيحة والطيبة عن هذا الخط الأصيل، ما يؤدي إلى أداء التكليف والقيام بالمسؤولية بشكل سليم، وقد يحقق زيادة في الأنصار.

4- المستأنسون بالتزامهم: الذين يعيشون الطمأنينة في نفوسهم، فلا يجدون التكاليف الشرعية عبئاً عليهم، ويزيدهم العلم إيماناً، والعمل إقداماً، تحيط الطاعة لله تعالى كلَّ حركتهم، فلا صِعابَ أمامهم ولا تذمُّر ولا خوف، أرواحُهم معلّقة بالسماء، فلا زينة تشدُّهم إليها، ولا دنيا تعيق سموَّهم ورقيَّهم نحو الملأ الأعلى.

5- المنتظرون: بكل شوق لرؤية إمامهم، ورؤية دولة الحق العالمية، من دون أن يتوقفوا لحظةً واحدة عن الاستعداد والعمل.

6- الصابرون: المتمسكون بدينهم رغم الضغوطات، والمتحملون للعذاب الذي يلحق بهم من أعداء الدين والمنحرفين. وفي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "هيهات، هيهات، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى تُغربَلوا. لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى تُمحَّصوا، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى تُميَّزوا، لا والله ما يكون ما تمدُّون إليه أعينكم إلا بعد إياس، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى يشقى من يَشقى ويَسعدَ من يسعد"(2) إذا تحققت هذه الصفات، فالإمام علي عليه السلام يتشوق إلى رؤية هؤلاء الأنصار، وما أشوقنا نحن إلى رؤيته، والتمتع بمشاهدته، ومبايعته، سلام الله عليه.وقد وردت صفات أخرى في عدد من الروايات نذكر منها:

7- أصحاب الورع: الذين يؤدي إيمانهم إلى التقوى التي تحجبهم عن ارتكاب الحرام، فيصبح الورع صفة ملازمة لهم، وهي الصفة التي تطبع الشخصية بالصلاح والعفّة ومحاسن الأخلاق. عن الإمام الصادق عليه السلام: "مِن دينِ الأئمة الورعُ والعفةُ والصلاح... وانتظارُ الفرج بالصبر"(3). وعنه أيضاً: "من سُرَّ أن يكون من أصحاب القائم، فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدُّوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة"(4).


(1) الشيخ الكليني، الكافي، ج‏1، ص‏335.
(2) المازندراني، شرح أصول الكافي، ج‏6، ص‏341.
(3) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏52، ص‏122.
(4) المصدر نفسه، ج‏52، ص‏140.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع