إيفا علوية ناصر الدين
أيامٌ لا تُنسى، ذكريات ينبش أيار دفائنها عندما يدق على بابي ليقول: إحكِ لي يا جبل صافي حكايا المقاومة قبل الانتصار... ياااه.... عن ماذا أحكي وأي قصص أختار؟ وهل تترك لي المشاهد والصور المحتشدة في الذاكرة أي اختيار؟
أأحكي عن عنفوان الجهاد ورائحة عطره الفوّاحة المتضوِّعة في نسائم الصبح والمساء، أم عن عطاء الشهادة ومِسْك دمائها المجبول بأديم التراب؟ أأحكي عن نهارات العز المشرقة التي سطّر فيها المجاهدون أروع الملاحم، أم عن ليالي البطولة المشرِّفة التي سجّلوا فيها أكبر الانتصارات؟ أأحكي عن عيونهم الساهرة، أم عن قلوبهم الخاشعة، أم عن نفوسهم الوالهة، أم عن جباههم المنيرة ووجوهم المقمرة، أم عن قبضاتهم الخارقة وسواعدهم الحديدية، أم عن أجسادهم الطاهرة أم عن أوثق الخطوات؟
أأحكي عن تراتيلهم في الفجر أم عن تسابيحهم عند الغروب وهي تتهاوى في مسامعي أحلى مناجاة؟ أأحكي عن صدى العبوات وعن رشقات البنادق وهي تعزف في أذنيَّ أعذب النغمات؟ أم عن صيد الكمائن وعن قتلى العدو في المواجهات؟ أأحكي عن حنين الشمس لهم والقمر، والغيمة والمطر، والورد والشجر، والصخر والحجر؟ أم أحكي عن شوقٍ لهم في أعماقي يتفجّر؟
نعم سأحكي وسأحكي لك يا أيار ولكل الشهور وللأزمان حكايا المقاومة الخالدة التي ينبض قلبها في عمق الأرض وتجري دماؤها في عروق الوطن.