مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مشاركات القرّاء: جرائم المعلوماتية

غادة عيسى

 



إن عالمنا يعيش اليوم في ظل ثورة صناعية ثالثة هي الثورة المعلوماتية، حتى أن بعض العلماء أطلق على هذا العصر اسم "عصر الإنسان المعلوماتي". وبالرغم من التسهيلات العديدة التي تقدمها المعلوماتية في جميع مجالات الحياة، إلا أنها تؤدي إلى مخاطر عديدة، وظهور أنواع جديدة من الجرائم تقترف من قبل أشخاص لديهم من المهارات والمعرفة ما يجعلهم يمثلون تهديداً حقيقياً على المجتمع دون حاجة إلى إطلاق رصاصة أو صاروخ واحد. ويمكن القول أن جرائم الكمبيوتر والإنترنت هي نشاط إجرامي تستخدم فيه تقنية الحاسب الآلي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة أو هدف لتنفيذ الفعل الإجرامي المقصود. وتنتمي هذه الجرائم إلى طائفة الجرائم العالمية وهي تتميز بصعوبة اكتشافها، وكذلك إثباتها حيث لا يوجد دليل مادي، بل إن الدليل حتى ولو كان موجوداً فإن بمقدور الجاني أن يقوم بمسحه وإزالته من على الشبكة. أما الأساليب الشائعة لارتكاب جرائم المعلوماتية فكثيرة ومتنوعة نكتفي هنا بتسليط الضوء على بعضها منها: كسر كلمة السر، الفيروسات، أحصنة طروادة، الدودة، القنبلة المنطقية، التشويش، التنصت...

*أنواع جرائم المعلوماتية والآثار المترتبة عليها
تختلف أنواع الجرائم باختلاف الغايات المرتكبة لأجلها، والأهداف المبتغاة من هذه الجرائم تكمن في انتهاك حقوق الإنسان وحياته وزعزعة الاستقرار الإجتماعي وتهديد اقتصاد الدول وسيادتها، مع الإشارة إلى أن هذه الجرائم ليست الوحيدة في عالم الإنترنت فهناك جرائم تتعلق بالتجارة الالكترونية كالاحتيال عبر الإنترنت لا سيّما احتيال مزاد الإنترنت، إلا أننا عزفنا عن ذكرها رغم أهميتها لضيق مجال التحدث عنها في مقالة واحدة واقتصرنا على بحث الجرائم الأكثر تعلقاً بالإنسانية ومنها:

أ - جرائم التجسس الإلكتروني‏
في عصر المعلومات، وبفعل وجود تقنيات عالية التقدم، فإن حدود الدول مستباحة بأقمار التجسس والبث الفضائي. ولا يقتصر الخطر على محاولة اختراق الشبكات والمواقع على العابثين من مخترقي الأنظمة "Hackers" فمخاطر هؤلاء محدودة وتقتصر غالباً على العبث أو إتلاف المحتويات. أما الخطر الحقيقي فيكمن في عمليات التجسس التي تقوم بها الأجهزة الاستخباراتية للحصول على أسرار ومعلومات دولة ما ومن ثم إفشاؤها لدولة أخرى تكون عادة معادية، أو استغلالها بما يضر المصلحة الوطنية للدولة. وقد وجدت بعض حالات التجسس الدولي ومنها ما اكتشف أخيراً عن شبكة دولية ضخمة للتجسس الإلكتروني تعمل تحت إشراف وكالة الأمن القومي الأميركي بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات والتجسس في كندا وبريطانيا واستراليا ونيوزيلندا، لرصد المكالمات الهاتفية والرسائل بأنواعها كافة ويطلق عليها إسم "Echelon".

ب - جرائم الإستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت‏
لعل أبشع الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في عصرنا هذا ناتجة عن المحادثات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت التي أصبحت وسيلة تهدد سلامة المجتمع ونظامه الأخلاقي. فقد تسببت تلك المحادثات في ارتكاب جرائم أخلاقية ضد الأطفال واستغلالهم جنسياً على أيدي أشخاص عديمي الأخلاق والضمير، إذ يوهم المجرمون ضحاياهم برغبتهم في تكوين علاقات صداقة عبر الإنترنت التي قد تتطور إلى لقاءات بين الطرفين. إلى ذلك فإن الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت لا يقتصر أثره على الطفل المجني عليه، وإنما يمتد ليطال المجتمع بأسره لما تولّد هذه الجريمة من صدمات وعقد في نفوس الأطفال تساهم في فشل مستقبلهم كشباب وبالتالي فشل المجتمع الإنساني. لذا نتمنى من التشريعات الدولية أن تجتهد في وضع حد لهذه الجرائم عبر اتخاذ التدابير اللازمة، كما إننا نأمل من الإعلام أن يلقي الضوء أكثر على هذه الجرائم كي لا يغفل الأهل عن حماية ووقاية أولادهم من التعرض للإستغلال الجنسي. وإلى ذلك الحين، ننصح الأهل لا سيّما الأب؛ بأن يتأكد من أن خط الإنترنت الموصل بجهاز منزله مجهّز ببرامج التصفية "فلتر" التي تمنع وصول المواقع الإباحية لأيدي أطفاله أو أفراد أسرته وأن يتحكم بما يرى الأطفال وما لا يرون.
أما فيما يتعلق بالمحادثات الإلكترونية التي لم تعد محصورة بين الأهل والأقارب فقد أصبحت وسيلة قد يصل مجرمو الإنترنت عن طريقها لاستدراج الأطفال والمراهقين وتغريرهم، وبالتالي فإن التدابير الاحتياطية المادية لا تكفي لحماية هؤلاء بل إن التنشئة الإجتماعية والدينية وزرع الثقة في أفراد الأسرة أهم من كل الاحتياطات المادية التي قد تفشل في منع وصول أحد أفراد الأسرة إلى تلك الأمور أما إذا كانت التنشئة مشوبة بشي‏ء من الخلل، والشخصية مشوهة والنفس معتلّة فإن هذا الشخص سيلجأ إلى هذه الانحرافات، وبالتالي يجب أن نعوّد أولادنا على العفة والطهارة وحفظ الذات وهذا هو الأساس في حفظهم من مجرمي الإنترنت.

ج - جرائم الإرهاب الإلكتروني‏
تحولت الإنترنت من شبكة لنشر المعلومات في العالم إلى أداة في يد الإرهابيين لبث أفكارهم المسمومة. وتحولت إلى المنفذ الوحيد الذي يوظفه هؤلاء لخدمة مخططاتهم الفكرية. هذا النوع الجديد من الإرهاب هو من صنع الولايات المتحدة الأميركية لتحقير عمل المقاومة وتجريمه، ومن ثم تشريع وجود إسرائيل من خلال بث أفكار مغلوطة عن العقيدة الإسلامية وتصوير المسلمين المجاهدين بالمجرمين المعتدين على إسرائيل الضعيفة، وهذا هو الأسلوب الجديد الذي اعتمدته للحرب ضد العرب، إذ أن "تساهال" أي جيش الدفاع الإسرائيلي لا يبدو الآن الأداة المناسبة لفرض قوتها والثأر من العرب، لذا فإن إسرائيل تعتمد لتحقيق أهدافها على الإرهاب الإلكتروني الذي تقوم به وتساعدها على ذلك وللأسف الهوة الموجودة بين العرب والغرب والتي توسعت من خلال انتشار مواقع الحوار كثيرة الجدل عن الفروق الطائفية والمذهبية وبث العقيدة التكفيرية وبذلك تضرب إسرائيل عصفورين بحجر واحد،فمن ناحية تجنب جيشها ومواطنيها قتالاً لا تضمن نتائجه ومن ناحية أخرى تفجر حرباً طائفية تحرق الأخضر واليابس وتبقى هي في موقع المتفرج على الحدث. ولتسهيل الطريق أمامها أنشأت إسرائيل منظمة تعمل في عالم الإنترنت الافتراضي، مهمتها ملاحقة المواقع الإسلامية وإغلاقها وتشريدها من شركات الاستضافة تحت ذريعة أن هذه المواقع تدعم الإرهاب والجماعات الإرهابية! وتتم عملية المتابعة والملاحقة عن طريق مراسلة شركات الاستضافة التي تستضيف هذه المواقع الخادمات الخاصة بها، فيتم إعلام هذه الشركات أن هناك مواقع إرهابية أو تابعة لمجموعات إرهابية ويجب أن تتم إزالتها أو يتم منع الخدمة عنكم! وطبعاً يتم دائماً التخويف باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي حتى تستجيب هذه الشركات بأقصى سرعة ممكنة. وبهذه الطريقة احتلت الدولة الغاصبة المرتبة الأولى في العالم من حيث كمية الهجمات الموجهة لشبكات الإنترنت التي تنطلق من داخلها، وذلك نسبة لعدد مستخدمي الإنترنت، حيث رصدت شركة "Riptech" المختصة بأساليب الحماية في شبكة الإنترنت أكثر من 128 ألف هجمة إختراق تنطلق من فلسطين المحتلة نحو حوالي مليون جهاز كمبيوتر مرتبط بالإنترنت. ولعل الهدف الأساسي الذي يسعى الاستكبار الإسرائيلي لتحقيقه من خلال هذه المنظمة يتمثل بالأمور التالية:

1 - إسكات أي صوت إعلامي للجهاد والمقاومة في بلاد الإسلام.
2- إغلاق جميع المواقع الإسلامية التي تتحدث عن الأنظمة الإسرائيلية والأميركية خوفاً من كشف الحقائق أمام الرأي العام الأميركي والدولي.
3 - تشويه الجهاد والمقاومة بنشر بعض الآراء والأفكار الشاذة وترويجها على أنها هي المقاومة والجهاد الحقيقي.
4 - تحجيم دور المواقع الإسلامية على الإنترنت وإشغالها بعمليات الإغلاق المتكرر والمتابعة والملاحقة.
من هنا يطرح التساؤل التالي: هل أن التشريعات الدولية ستبقى صامتة وشاغرة من نصوص تجرم هذه الأفعال وتنزل أشد العقوبات بحق مرتكبيها؟

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع