مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

اعرف عدوك‏ : من 181 إلى 1559 أكذوبة الشرعية الدولية‏

حسن زعرور

 



في الزمن الردي‏ء عليك أن تذعن لكل ما تمليه أميركا وإلا وُصِمتَ بالرجعية والإرهاب. العمالة لها لم تعد تهمة، وعار التبعية أضحى إنفتاحاً على الديمقراطية والحريّة، والخروج عن إرادتها خروج على الشرعية الدولية، مع أنها أشد المسيئين لكل ما هو شرعي وحضاري. على مذبح مصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل يسيل دم الإنسانية وتدفن المبادئ.

* مَنْ يكذب على مَن؟
ينصّ قرار الأمم المتحدة رقم 273 تاريخ 11 أيار 1949 على أن "الجمعية العامة إذ "تستذكر" قرارها المؤرخ في 29 تشرين الثاني 1947 (قرار التقسيم) وقرارها المؤرخ في 11 كانون الأول 1948 (قرار إعادة اللاجئين الفلسطينيين) وتلاحظ التصريحات والبيانات التي أدلى بها مندوب "حكومة إسرائيل"! أمام اللجنة السداسية الخاصة بما يتعلق "بتنفيذ" البيانين المذكورين تقرر دخول "إسرائيل"! في عضوية الأمم المتحدة"(1). القرار الأول 181 يطالب بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، والثاني 194 يطلب من "إسرائيل" إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. ومنذ عام 1947 وحتى تاريخه لم تنفذ الدولة الغاصبة تعهدها الذي قُبلت على أساسه كعضو في الأمم المتحدة، ولم تقم المنظمة الدولية بعد قبولها "تعهد النوايا" الصهيوني بأي عمل لتنفيذ القرار رغم مرور ثمانية وخمسين عاماً على إصداره، ولم تنتفض الشرعية الدولية لرد الإهانة وصون كرامتها وإثبات مصداقيتها التي يتغنى بها كثيرون هذه الأيام، ولم تقم الولايات المتحدة الأميركية ودول العالم "الحرّ" التي تنادي اليوم باحترام القرارات الشرعية، بإلزام هذا الكيان تنفيذ ولو واحد من هذه القرارات أو أقلّه تعليق عضويتها في الأمم المتحدة لحين تنفيذها تعهدها. وعلى العكس من ذلك فإن أميركا رائدة العالم الحر وحامية الحرية والديمقراطية وضامنة الشرعية الدولية كما تدّعي وكما يروّج اتباعها أفشلت 68 قراراً صادراً عن مجلس الأمن والشرعية الدولية بحق الكيان الصهيوني، واستخدمت الفيتو لحماية الدولة المارقة على الشرعية 29 مرّة. ومنذ العام 1947 تبنى مجلس الأمن والأمم المتحدة 300 قرار يدين الكيان الصهيوني ويطالبه بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية الداعية لإقامة دولة فلسطينية وإعادة اللاجئين الفلسطينيين، وكان ردّ هذا الكيان الدائم "لو صوتت جميع الدول الأعضاء في الجمعية ضد إجراءاتنا (ضم القدس واحتلال الأراضي العربية) فإن "إسرائيل"! لن تتزحزح أو تلغي هذه الإجراءات"(2). لم يثر ذلك مدّعي حماية الشرعية الدولية، ممن تصدح الأبواق باسمهم اليوم لتنفيذ القرار 1559، كأن الأمم المتحدة وقراراتها لن تتشرعن إلا عند تنفيذ هذا القرار وحده، والأدهى من ذلك أن حماة الشرعية الدولية هؤلاء ينقضون قراراتها ويعملون على توطين الفلسطينيين في الدول العربية، في نقض فاضح لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي يعلنون دفاعهم عنها، والقاضية بإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، فمن يكذب على من!!

* شرعية تلحس قراراتها!!
ربّ قائل أن قرارات الأمم المتحدة غير ملزمة لكن قرارات مجلس الأمن ملزمة. من هنا نسأل، لماذا يكون القرار في مكان ما ملزماً وغير ملزمٍ في مكان آخر؟ لقد استعمل مجلس الأمن "الحق الإلزامي" في أكثر من مكان لا يثير حفيظة حكومة العدو ضده، مثال ذلك المادة 14 من معاهدة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب، والمادة 6/19 من ميثاق منظمة العمل الدولية، والمادة 4 ب من دستور منظمة اليونسكو(3)، كما أن المادة 4/2 من ميثاق الأمم المتحدة تعتبر رادعاً إلزامياً لأعضاء المنظمة وتنص على ضرورة "الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة" مما يسمح للمنظمة بوقف نشاط أي عضو مخالفٍ فيها، ثم إن القرار رقم 1514/د لعام 1960 نص على أن "كل محاولة لتقويض الوحدة القومية والسلامة الإقليمية لأي بلد تتنافى ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه". وذلك سمح للولايات المتحدة الأميركية باستعمال القرارات كمطية لخدمة أهدافها عن طريق تبني مجلس الأمن الدولي لبعض القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وخصوصاً تجاه الدول المعادية لأميركا في الصومال والسودان ولبنان وأفغانستان والعراق وغيرها، وتغاضيه عن القرارات المتعلقة "بإسرائيل"! ربيبة أميركا، والاكتفاء معها بالتنديد والإدانة لامتصاص النقمة على أعمالها ومن ثم تغييب هذه القرارات وصرف الأنظار عنها بأحداث ومشاكل طارئة، وبات دور الأمم المتحدة واهتمامها منصبَّين على أمور ليست من صلب أساس تكوينها أو الغاية التي أقيمت لأجلها، والأمر ليس بريئاً أو اعتباطياً أو هو من مقومات عمل هذه المنظمة. إن حادثاً عرضياً في قرية نائية في بلد كان مجهولاً حتى الأمس قبل أن تتسلط عليه الإعلاميات ويثار حوله الضجيج لغايةٍ في نفس أمريكا ليس من صلب عمل المنظمة أو دورها ولا أحقية لها في التدخل ما لم تقم الدولة المعنية بالحدث بطلب ذلك، وهو ما استندت عليه الدولة الغاصبة وساندتها فيه أميركا لعدم تنفيذ عشرات القرارات التي نذكر منها:

1- القرار 101 تاريخ 24 تشرين الثاني 1953 المتعلق بالهجوم الصهيوني على قرية قبية الفلسطينية واحتلالها وقتل 66 وجرح 75 طفلاً وامرأة.
2- قرار رقم 106 تاريخ 1955/3/29 المتعلق بالغارة الصهيونية على غزة.
3- قرار رقم 111 تاريخ 1956/1/19 المتعلق بالغارة الصهيونية على سوريا ومقتل 56 مدنياً سورياً.
4- قرار رقم 127 تاريخ 1958/1/22 المتعلق باحتلال الكيان الغاصب لأراضٍ في المنطقة المحيطة بالقدس وطالب "إسرائيل"! بإخلائها (لم تخلها بالطبع).
5- قرار رقم 162 تاريخ 1961/ 4/11 "يتمنى" على "إسرائيل"! الإذعان لقرارات الأمم المتحدة!!
6- قرار رقم 171 تاريخ 1962/4/9 يؤكد أن "إسرائيل"! قامت "بانتهاك فاضح" للأراضي السورية!!
7- قرار رقم 288 تاريخ 1966/11/25 "يندد" بهجوم القوات "الإسرائيلية" على الأردن.
8- قرار رقم 237 تاريخ 1967/6 /14 "يتمنى" على "إسرائيل" إعادة اللاجئين.
9- قرار رقم 250 تاريخ 1968/4/ 27 "يدعو" "إسرائيل"! إلى وقف عرضها العسكري في القدس.
10- القرار 251 تاريخ 1968/5/2 "يأسف" فيه مجلس الأمن لقيام "إسرائيل" بعرضها العسكري في القدس!!
11- قرار رقم 252 تاريخ 1968/5 /21 "يعتبر" فيه أن إقدام "إسرائيل" على اتخاذ القدس عاصمة لها غير قانوني!
12- قرار رقم 256 تاريخ 1968/8/16 "يدين" استمرار الغارات "الإسرائيلية" على الأردن.
13- قرار رقم 259 تاريخ 1968/9/27 "يأسف" فيه لرفض "إسرائيل" بعثة الأمم المتحدة!
14- قرار رقم 262 تاريخ 1968/12/31 "يدين" هجوم "إسرائيل" على بيروت.
15- قرار رقم 265 بشأن الهجوم "الإسرائيلي" على مدينة السلط في الأردن.
16- قرار رقم 267 "يستنكر" فيه قيام "إسرائيل" بأعمال تغيير في معالم القدس.
17- قرار قم 270 "يدين" غارات "إسرائيل" على لبنان.
18- قرار رقم 271 تاريخ 1969/ 9/15 "يدين" "إسرائيل" لعدم امتثالها لقرارات الأمم المتحدة!!
19- اتخذ مجلس الأمن القرار رقم 279 تاريخ 1970 5 12 طالباً فيه من "إسرائيل"! سحب قواتها من لبنان.

وبين عامي 1970 و1986 أصدر مجلس الأمن 20 قراراً يتوسل فيها "إسرائيل" سحب قواتها من لبنان دون جدوى وهي القرارات520,518,517,515,509,501,498,467,450 ,444,427,425,347,332,317,316,313 285,280. وبقي الجيش الصهيوني في لبنان حتى عام 2000 من دون أن يتذكر أحد قرارات الشرعية الدولية، ومن دون أن يحمرّ وجه المجتمع الدولي خجلاً، ومن دون أن يسأل أحد "أين هي هذه الشرعية يا ترى"؟!

* أمم متحدة أم ولايات متحدة؟!
عندما حُلّت "عصبة الأمم" في أعقاب الحربين العالميتين في القرن الماضي، قيل أن السبب فشلها في حلّ المشاكل الدولية وتنفيذ القرارات، وأن "المنظمة" أي الأمم المتحدة هي البديل العملي، وهو شي‏ء لا يمت للحقيقة بصلة، لأن من أسهم في إفشال "العصبة" يعمل على تهميش "المنظمة" والاستئثار بمقرراتها ودورها خدمة لأهدافه، يؤكد لنا ذلك الكيل بمكيالين، والإصرار على تنفيذ القرارات الصادرة ضد خصوم أميركا وبالأخص العرب، وغض الطرف وتمويه القرارات وإبعادها عن التداول بما يتعلق بالكيان الصهيوني في عملية خداع متواصل يتم بموجبه نقل الأزمات إلى بلدان أخرى واختلاق قراراتٍ جديدة وخلق الضجيج حولها لتغييب عشرات قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالشأن الصهيوني. بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947 صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: "إسرائيلية" أقيمت بإشراف أميركي ودولي، وفلسطينية ضائعة بين قطعة أرضٍ هنا وقطعة أرض هناك مع أن قرار الأمم المتحدة حدد أن مسؤولية تنفيذ القرار يقع على عاتق مجلس الأمن في:

- البند "أ": أن يتخذ مجلس الأمن "التدابير" الضرورية المنوّه عنها في المشروع لتنفيذه.

- البند "ب": أن تتم تدابير مجلس الأمن وفقاً للمادتين 39 و41 من الميثاق وتخويل لجنة الأمم المتحدة الإشراف على السلطة بموجب المواد 81 ,80 ,79 ,77 ,75 (علماً أن الأمم المتحدة أصدرت لاحقاً قراراً يعترف بإعلان دولة فلسطين في القرار رقم 177/ 43 تاريخ 1988 البند "أ").

- البند "ج": يعتبر مجلس الأمن كل محاولة ترمي إلى تغيير التسوية الواردة في القرار عملاً عدوانياً بموجب نص المادة 39 من الميثاق ثم إن مجلس الأمن نفسه أصدر القرار 1967 242 الذي يؤكد فيه عدم شرعية الاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي العربية، واستكمل مطالبته بانسحاب "إسرائيل" منها في القرار رقم 1973 338 والقرارات 608 ،607 ،605 لعام 1988 دون أن يلزم حكومة العدو ولو لمرة واحدة بتنفيذ واحد من هذه القرارات مخافة إغضاب الولايات المتحدة و"إسرائيل" فكيف يمكن إضفاء صفة الاحترام الواجب لقرارات تنفذ في مكان ولا تنفذ في آخر ولماذا يُطلب من طرف احترام هذه الشرعية بصيغة إلزامية تحت طائلة العقاب فيما عشرات القرارات الأخرى مغيبة لأنها معنيّة "بإسرائيل" ولننظر:

- وثيقة الأمم المتحدة رقم 9402 / S الباب الرابع، الفقرة 3، وثيقة الأمم المتحدة رقم 8802 /S الفقرة 8، وقرار مجلس الأمن رقم 1951( 93) وثيقة رقم 7512 /S القاضية بإعادة الفلسطينيين إلى ديارهم. وبإشراف الأمم المتحدة، وثيقة رقم 3122 /S الجزء الثاني الفقرتان 17 ،14، وثيقة رقم 0032/ S الفقرة 9، وثيقة رقم 9832 - S الفقرتان 16 و14، وثيقة رقم 3382/S الفقرتان 58 50، وثيقة رقم 3433/S الملحق ج، وثيقة رقم 6953/S الملحق 7 الفقرة 1 وكلها تتمحور حول إعادة اللاجئين الفلسطينيين وسحب "إسرائيل" لقواتها من المناطق المحتلة والمناطق المنزوعة السلاح، وبدل أن تنفذ دولة العدو قرارات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن امتثالاً لما يسمى بالشرعية الدولية عمدت لاستغلال قرارات الأمم والمجلس لإكمال احتلالها، ففي 24 شباط 1949 وقَّعت مصر وحكومة العدو اتفاقية الهدنة بحضور مراقبين دوليين من الأمم المتحدة. بعد 13 يوماً تماماً قام الصهاينة باحتلال قرية أم الرشراش المصرية وأقاموا مكانها مرفأ إيلات ولا يزال قائماً حتى اليوم واحتلوا في 20 آذار 1950 بيرقطاط(4)، وفي 2 أيلول العام 1950 طرد الجيش الصهيوني 4 آلاف عربي وقتل منهم 13 شخصاً في العوجة واحتلها(5)، وفي 17 تشرين الثاني 1950 طلب مجلس الأمن الدولي من "إسرائيل" إعادة المطرودين من العوجة فرفضت "وبلع"(6) مجلس الأمن مسألة الشرعية الدولية واحترامها، لا بل أن الدولة الغاصبة سيطرت في 5 أيلول 1956 على مقر المراقبين الدوليين في العوجة وطردتهم منه(7).

ويؤكد القراران الصادران عن الأمم المتحدة 1967(2254 )1967(2253) وقرار مجلس الأمن 252 S/8691 وقرار مجلس الأمن 237 تاريخ 14 حزيران 1967، وقرار الجمعية العامة رقم 2252 تاريخ 4 تموز 1967 ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، فيما تعمل الولايات المتحدة وسط صمتٍ دولي على توطينهم في الدول العربية، فمن يمثل الشرعية الدولية، الولايات المتحدة أم الأمم المتحدة؟ أيّاً يكن من يمثلها، عليه أولاً إثبات مصداقيته أمام الضمير الإنساني وضميره، وإن كان له حق الطاعة والاحترام لما يمثّل لا بما يتمثّل، فإن لنا عليه حقوقاً كثيرة، نحن وشعوب الأرض المقهورة كلها وبالأخص الشعب الفلسطيني، وعليه تنفيذ قراراته المغيّبة منذ نصف قرن، أولاً بأول قبل المطالبة بتنفيذ القرار 1559 الذي هو في ذيل قائمة قراراته، فالشرعية تستمد قوتها من إيمان البشرية بها، وإن فقدت الشعوب هذا الإيمان، فإن مساحيق الولايات المتحدة الأميركية التجميلية كلها لن تبعد عنها المصير.


(1) القرارات والوثائق الواردة في المقال هي وثائق رسمية صادرة عن الأمم المتحدة.
(2) خطاب أبا إيبان وزير الخارجية الصهيوني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ 16 حزيران 1967، وثائق الأمم المتحدة.
(3) د. محمد سعيد الدقاق، دراسة نظرية الجزاء في القانون الدولي، ص‏140، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية 1984.
(4) وثيقة الأمم المتحدة رقم 8 /1873، ص‏55، الفقرة 514.
(5) وثيقة الأمم المتحدة رقم‏7971/S.
(6) وثيقة الأمم المتحدة رقم 7091/S، القرار 1950/89.
(7) وثيقة الأمم المتحدة رقم 9563/S الملحق، الباب الثاني، الفقرات 10 ،0 ،1.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع