ايفا علوية ناصر الدين‏

كان رئيس القلم وكاتبه ورجال الأمن المتواجدون في غرفة الاقتراع في ذلك اليوم الانتخابي الحاشد هم الغرباء الوحيدين عن البلدة التي تجمَّع أهاليها رجالاً ونساءاً وشباباً وشابات للإدلاء بأصواتهم واختيار مرشحيهم إلى المجلس النيابي.

وخلال ساعات النهار المتواصلة التي شهدت حركة حيوية وناشطة داخل الغرفة وخارجها في ممرات مبنى المدرسة وباحتها كان رئيس القلم الذي لم يسبق له على ما يبدو أن زار أية منطقة إسلامية من قبل، كان يعبر عن ارتياحه الكبير لما يعاينه من أجواء بعيدة عن أية حدة أو توتر مُفترضين، إلا أنه كان يعاني من سؤال مُلحّ يدور في خلده حول ظاهرة لم يكن يتوقع أن يشاهدها، بل إنها شكَّلت له مفاجأة كبرى دفعته إلى مناداة أحد الأشخاص الموجودين لإعلان استغرابه الشديد من خلال السؤال الذي طرحه: أليس من المفترض عندكم أن ترتدي المرأة حجاباً ولباساً يستر كامل جسدها؟

وبغض النظر عما أجابه ذلك الشخص فإن هذا السؤال إضافة إلى سؤال آخر لكان طرحه رئيس القلم أيضاً باستغراب أشد وأقسى لو كان مُطَّلِعاً على أحكام ومستوجبات الحجاب عند المرأة المسلمة حول ظاهرة الحجاب "العصري" الذي ترتديه بعض المحجبات ولا تتورع معه عن الظهور بملامح تتناقض مع مقتضيات الستر حتى لا يكاد أحد يفرِّق بينها وبين المرأة السافرة إلا بذلك الغطاء الموضوع على الرأس! هذان السؤالان برسم مجتمعنا الإسلامي وبرسم كل امرأة أو فتاة يتحتَّم عليها إبراز الصورة المثالية للمرأة المسلمة بكل ملامحها الراقية، تلك الصورة المستوحاة من النماذج الساطعة التي جسَّدتها النساء العظيمات وعلى رأسهن سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام بدلاً من تلك الصورة المشوَّهة التي تُظهرها بمظهر النماذج الواهية المتخبطة في شِباك الهلاك.