الشيخ حسن عيَّاد
أَجَلُّ قَصيدٍ اسْمُ فاطمَ جَاها |
تَنَفَّس طيباً مِنْ شَميمِ هَواها |
وَأَلْهَجُ ذِكْرٍ لِلْبَهاءِ حُروفُها |
بِها اللَّه زَكى الْعالَمينَ وَباهى |
فَأَبْدَعُ صُبْحٍ سَبَّحَ اللَّه ثَغْرُها |
وَأَزْهَرُ فَجْرٍ باسِمٍ شَفَتاها |
وَأَعْظَمُ خِدْرٍ لِلنَّبيّينَ خِدْرُها |
وَأَسْمى رُواقٍ في الْوُجودِ رِداها |
وَأَلْطَفُ أسرار النعيم سَريرُها |
سَرورُ بَهَاءِ الْخُلْدِ سِرُّ مُناها |
وَرَوْضٌ مِنَ المحمودِ رَوْضٌ لِفاطِمٍ |
وَدَوْحَةُ نورٍ والنُّجومُ شَذاها |
أَطَلَّتْ وَما كانَتْ لِغَيْرِكِ فاطِمٌ |
لِتَبْسُمَ هَذي الشَّمْسُ فَوْقَ رُباها |
فَللأرْضِ شَمْسٌ والْمَطايا كَواكِبٌ |
وَلِلْبَحْرِ عُمقٌ لِلْجِبالِ عُراها |
وَأَنْتِ لِهَذا الْكَوْنِ شَمْسٌ وَكَوْكَبٌ |
وَعَيْنُ دَليلِ الْمَجْدِ مِنْكِ ضِياها |
لَوى اللَّه عُنْقَ الْبيدِ كرْمى لِفاطِمٍ |
لِيَمْشي عَلَيْها ظِلُّها فَنَراها |
كَأَنَّ حُبوبَ الرَّمْلِ دُرُّ وَجَوْهَرٌ |
بِأَصْدافِ عِطْرٍ ماطِرٍ مَجْراها |
لآلئ دمْعٍ مِنْ دمٍ فوْق خَدِّها |
تَقاطرَ مِنْ مِسْكٍ يَسيل وراها |
حُسامُ نَسيمِ الصُّبْحِ حَزَّ وَريدَها |
قَواريرَ مِنْ نوقِ العُطورِ فِداها |
تَغارُ الْجِهاتُ الرَّحْبُ مِنْ وَجْهِ سَيْرِها |
فَتَأْخُذُ مِنْ تبر الحَجيجِ يَداها |
لِتَمْسَحَ فيها وَجْهَها كَيْ تَشُمَّها |
وَتشْرَبَ أَفْواهُ الْوُرودِ نَداها |
تَصيرُ إِذا سارَتْ عَلَيْها مَحَجَّةً |
شَريفَةُ آلِ الْبَيْتِ فَوْقَ ذُراها |
كَأَنَّ خُطاها تَخْلَعُ النَّجْمَ في السَّما |
لِتَنْظِمَ عِقْداً مِنْ خُطىً نَعْلاها |
فَحَيْثُ مَشَتْ لِلنُّورِ نَهْرٌ وَمَوْكِبٌ |
نَهارٌ مَشى لَمّا مَشَتْ قَدَماها |
فَتَأْنَسُ مَلأى بِالْوُرودِ شِعابُها |
وَيَشْمَخُ بِالْعِزِّ التَّليدِ حِماها |
صَعيدُ ثَراها لِلْنَبيّينَ مَسْجِدٌ |
مَمَرٌ إِلى الْخُلْدِ السَّعيدُ خُطاها |
عَظيمَةُ آلِ اللَّه بِنْتُ محمَّدٍ |
لها اللَّه أَرْضَ الْمُمْكِناتِ دَحاها |
وَلَيْسَتْ دُنانا غَيْرَ شاطِئ سِرِّها |
لِعَيْنَيْكِ يا زَهْراءُ أَنْتِ بَناها |
لِفاطِمَةِ الزَّهْراءِ في الأُفْقِ عُلِّقَتْ |
جَفاها الْكَرى شَوْقاً نُجومُ سَماها |
لَها الْمُنْتَهى دارٌ أَناخَتْ رِحالَها |
مَطايا النّهى في ساحِها وَفناها |
فَاسْمُكِ مَكْنونُ الْوُجودِ وَسِرُّهُ |
وَهَذا الْمَدَى الرَّحْبُ الْفَسيحُ مَداها |
فَأَنْتِ هُوَ الأَصْلُ الْبَديعُ وَأُمُّهُ |
رَضيعَةُ نورِ اللَّه لَيْسَ سِواها |
أَفاطِمُ يا جاهَ الإِلَهِ وَنورَهُ |
وَيا قَلْبَ طَهَ لِلسُّرورِ جَلاها |
أَفاطِمُ يا مَنْ يحْطِمُ النَّارَ نورُها |
وَيُطْفِئُ حَرّاً لِلْحَطيمِ وَلاها |
وَما بَيْتُها إلا الْوجودُ وَكَعْبَةٌ |
لِكُلِّ نَبِيٍّ مَلْثَمٌ لِثَراها |
حِجابُكِ أَيْنَ الشَّمْسُ مِنْها حجابُها |
كَمِثْلِ حِجابِ اللَّه مِنْكِ رُواها |
وُجودُكِ في الإِمْكانِ مَظْهَرُ سِرِّهِ |
وَوَجْهٌ لِمَكْنونِ الْوُجوبِ بَراها |
فَما أَجْمَلَ الزَّهْراءَ روحاً لأَحْمَدٍ |
هِيَ الأُمُّ أُمُّ الْكائِناتِ وَطَهَ |
لَها الْجَنَّةُ الْمَأوى مِهْادٌ وَمَرْقَدٌ |
تُباهي بها وَالْحورُ طَوْعُ رِضاها |
حَنينُ مَواويلِ السِّنينِ تَبُثُّهُ |
حَنايا الْمَدى وَالْكَوْنُ رَجْعُ صَداها |
فَكُلُّ بلاد يا ابْنَةَ الْخَيْرِ جَنَّةٌ |
إِذا مَهَرَتِ بالْخَطْوِ وَجْهَ حَصاها |
وَكُلُّ زَمانٍ يا ابْنَةَ الْخَيْرِ مُزْهِرٌ |
إِذا مَسَّ جِسْمَ الدَّهْرِ بَعْضُ سَناها |
وَكُلُّ عَليلٍ في الْوُجودِ إِذا مَشى |
عَلَيْهِ اسْمُها قَدْ صارَ مِنْ بُرآها |
وَكُلُّ ذَوي الْحاجاتِ تَغْنى بِاسْمِها |
وَكُلُّ عَتيقٍ صارَ مِنْ طُلَقاها |
فَمَنْ مِثْلُها؟ مَنْ مِثْلُ فاطِمَ؟ نورُها |
زَفيفُ نُجومِ الصّالحاتِ حُلاها |
فَيا بِنْتَ مَنْ صَلى النَّبِيونَ خَلْفَهُ |
وَطَهَّرَ أَرْضاً داسَها وَوَطاها |
لأَعْظَمُ خَلْقٍ في الْوُجودِ مُحَمَّدٌ |
مِنَ اللَّه أَوْصافَ الْكَمالِ حَواها |
وَمَنْ في الدُّنى أُمٌّ لَها مِثْلُ فاطِمٍ؟ |
وَدونَ الْبَتولِ الطُّهْرِ كُلُّ نِساها |
كَذَلِكَ مَنْ في النَّاسِ أُمٌّ كَفاطِمٍ؟ |
وَأَكْرَمُ خَلْقٍ سادَةٍ وَلَداها |
عَليٌّ لَها كُفْؤٌ وَفاطِمُ ما لَها |
لِحَيْدَرَ كُفْؤٌ في الْحَريمِ عَداها |
فَلَيْسَ لَها إِلا عَليٌّ يَمينُهُ |
يَميُنُ إِلَهِ الْعَرْشِ حَدُّ قَضاها |
يَمينُ الْهدى الْبَتَّارِ جَلَّتْ صِفاتُهُ |
لِشرْعَةِ دينِ اللَّه فَهْوَ قَناها |
أَبا حَسَنٍ يا حجة اللَّه ضُمَّنِي |
تغَنِّيكَ روحي في يَدَيْكَ غناها |
لِواؤُكِ حُبِّي في الْحَياةِ وَساحَتي |
عَلى الْكَوْنِ يَعْلو لِلْجِهادِ لِواها |
إِلى آلِ بَيْتِ اللَّه شَدَّتْ رِحالها |
قَصيدةُ عِشْقٍ وَالْوَلاءُ حَداها |
فَيا نَحْلَةَ الْخَضْراءِ مَهْلاً فَإِنَّما |
نَماؤُكَ أَنْفاسُ الْبَتولِ قِراها |
رَوائِعُ ما أَبْهى وَدَوْحٌ نَسيجُها |
مَواهِبُ أَزْرارِ الْخُلودِ جَناها |
ثِمارٌ عَلى الدُّنْيا تَبوحُ بِسِرِّها |
لَها الْمَجْدُ كُرْسِيٌّ أَريكُ عُلاها |
تَدورُ بِذِكْرٍ عَزَّزَ اللَّه شَأْنَهُ |
هُوَ النَّصْرُ آتٍ وَالْمَحَطُّ رَحاها |
لأَجْل أَبي الْفَضْلِ الشَّهيدِ وَزَيْنَبٍ |
وَعَيْنِ الخُمَيْنيِّ السَّعيدِ أَتاها |
مُقاوَمَةٌ أَبْناؤُها الْعِزُّ رِحْلَةٌ |
لِخَيْمَةِ مَهْدِيِّ الزَّمانِ سُراها |
لِخَيْمَةِ مَهْدِيِّ الزَّمانِ حَجيجُها |
لِخَيْمَةِ مَهْدِيِّ الزَّمانِ هَواها |
رَصاصٌ عَلى الأَعْداءِ أُغْنِيَةُ الَّذي |
يُصَلّي لِثاراتِ الحُسَيْنِ صَلاها |
مُقاوَمَةُ الإِسْلامِ جَيْش مُجَلَّلٌ |
عَلى الأَرْضِ مُمْتَدٌّ سِياجُ حِماها |
رَصاصٌ مَهيبُ الصَّوْتِ لِلدِّينِ فاتِحٌ |
وَيَحْني بِهِ لِلظَّالِمين جِباها |
مَديدُ لَظىً لِلْحَقِ نارٌ عَلى الْعِدى |
رُؤوسَ غُرورٍ لِلطُّغاةِ طَحاها |
فَيا أُمَّةَ الْمَهْديِّ بُشْرى فَإِنَّما |
لَكِ النَّصْرُ مَعْقودٌ بِخَيْطِ دِماها |
عَليٌّ لَها مَوْلايَ إيرانُ كُلُّها |
بِعَيْنَيْهِ سَهْلُ الضَّوْءِ وَهْوَ فَتاها |
عَليٌّ لَها صَوْبَ الحُسَيْنِ بِكَرْبَلا |
لأَنْبَلُ سَاحٍ في الْجِهادِ دَعاها |
شَرايينُ ضَوْءٍ لِلشُّموسِ سُيوفُهُمْ |
كَشَفْرَةِ مَسْنونِ الشُّعاعِ ذَراها |
عُيونٌ كَأَرْماحٍ تَبوحُ بِضَوْئِها |
حُدودَ قَضاءٍ ذا الزَّمانُ رَماها |
وِعاء تَفاصيلِ الزَّمانِ عُيونُهُمْ |
إِلى الْحَقِّ مَهْديُّ الزَّمانِ هَداها |
سَيَفْتَحُ هَذي الأَرْضَ يَمْلأ نورُهُ |
مَسَاحَةَ كُلِّ الدَّهْرِ وَهْوَ رَجاها |
فَخَيْرُ خُيُولٍ لِلْجِهادِ خُيولُهُ |
وَخَيْرُ خُطىً لِلْمِكْرُماتِ مَشاها |