مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مشاركات القراء: يوم في الجنة

نجود السيد

 



كنت أجلس على كرسي قرب النافذة حين دخلت قريبتي لتسألني كيف أنني لم أجهز بعد، وتحثني على السرعة، لكنني لم أعرف إلى أين سنذهب ولم أكن على علم مسبق بالذهاب إلى مكان ما. كل ما أعرفه أنني سرت معها في طريق ملي‏ء بالعثرات، كانت الشمس مشرقة لكن نورها خافت مصفرٌّ كأننا وسط الصحراء، والأرض تشبه بلونها رمال الصحاري المحترقة. أخيراً وجدنا بعض الأشجار لكنها سوداء كأنها محترقة تماماً وأظن أنه إن هبت عليها ريح لذرتها رماداً في الجو، خلاصة القول كان المكان محبط وليس بجميل...

تابعنا السير بين الأشجار ولم نرَ ماءً في كل المكان حتى وصلنا إلى جدول ماءٍ طويل جداً لا يُرى منبعه ولا مصبه وكأنه يقسم أو يفصل بين مكانين كأنه حدود لشي‏ء ما، أسرعت إليه فوجدت خلفه أي على ضفته الأخرى بستاناً على امتداد الأرض كأنه الجنة، فصحت: سأقفز فوق "الساقية" لأصل البستان أولاً، لكن قريبتي شدت على معصمي وصرخت بي: لا تقفزي إنه خطر، على الرغم من أنه جدول صغير إلا أنه خطير ولا يمكن لأحد أن يعبره إلا عبر ذاك الممر الخشبي الضيق والعتيق "الجسر" الذي لا يحمل إلا شخصاً واحداً. توجهنا إلى الممر الخشبي الضيق، قطعت أولاً ثم تبعتني قريبتي وعندها تغير كل شي‏ء، الهواء المنعش، الزهر والعشب والريحان، كأنه بساط مزخرف عطر، النخل يزين المكان، الزيتون وأشجار أخرى، اللون الأخضر النضر في كل الأرجاء، السماء ليست كالسماء، كل شي‏ء جميل أو أنه أصل الجمال، وفي وسط المكان الشاسع توجد غرفة صغيرة، قديمة البناء لكنها مريحة، عرفت أنها تخص صاحب الأرض، فقلت في نفسي لِمَ لا يبني له قصراً أو بيتاً على الأقل فالظاهر أنه ثري، لمَ هذا التقشف؟ تابعنا التقدم ودخلنا الغرفة الصغيرة التي لم تكن كذلك لأنها من الداخل لأنها رحبة، ولا يوجد فيها أثاث وعندما دخلنا وجدنا أنها مقسمة إلى قسمين بخط وهمي فكلما دخلت إليها مجموعة تفرق أفرادها لينضم بعضهم إلى فرقة تجلس شمالاً والبعض الآخر انضم إلى الفرقة الثانية التي تجلس جنوباً مع انحراف شرقي بارز. سألت قريبتي: من صاحب هذا المكان؟ أسألك بما أنك أحضرتني إلى هنا، فلا بد أن تعرفي... أجابت: نعم أعرف، هذا المكان يخص النبي عيسى بن مريم عليه السلام، هنا مقامه يعني في هذه الغرفة يوجد ضريحه. ماذا تقولين؟ صرخت بوجهها مستنكرة إن النبي عيسى لم يمت.

ودار بيننا جدال أخذ وقتاً ليس بقصير لم يسفر عن أي نتيجة فهي بقيت على قولها وقناعتها وأنا تشبثت أكثر بموقفي مدعمة إياه بآيات من القرآن الكريم تتحدث عن النبي عيسى عليه السلام وعن بقائه حياً. بعد ذلك توجهت قريبتي إلى المجموعة الأولى شمالاً حيث التقت بوالدتها وجدتها وهما قريبتايَ أيضاً، فدعتاني للانضمام إليهما، لكني رفضت شاكرة وتوجهت إلى الناحية الأخرى لأنني شعرت بالاطمئنان والأمان ينبعث منها ففوجئت بأمي هناك تسألني كيف أتيت. لم تكن بمفردها فكل أفراد أسرتي مع جدتي أيضاً هناك، يزورون المكان تبركاً ويرتلون القرآن، ويبتهلون بالدعاء، جلست معهم وسرعان ما حان وقت صلاة الظهر فارتفع الأذان، لم نعرف من أين إلا أننا سمعناه وقمنا نلبي دعوته وقام شقيقي الأكبر إماماً عندها انضم إلينا رجلٌ جميل مهيب يميل إلى السمرة الفاتحة مع نحافة في الجسم وطول بسيط، عندما أنهينا الصلاة الأولى التفت إليّ وسلم بتحية الإسلام وقال: لا تسألي، فأنا عيسى بن مريم عبد اللَّه ورسوله.

دهشت لما قال فأنا حدثت نفسي متساءلة عنه لكنني لم أرفع صوتي، فكيف عرف بسريرتي؟ تابع قائلاً: اسمعي، لقد جئت لأصلي معكم وأشكركم على زيارتي ولأقول لك أنت وأطلب منك أن لا تصدقي أحداً، فأنا لم أمت وليس لي مدفن أو ضريح على الأرض مطلقاً، ولا حتى منزل، أليس لديك قرآن؟ ألا تقرأين فيه؟ أجبته بنعم أنا لدي قرآن وأقرأ فيه. تابع: إذاً لا تسألي عني أحداً واتبعي القرآن العظيم فأنت على حق وقريبتك على خطأ، انظري إليها كيف تصلي مولية الأدبار. ذهلت من شدة الصدمة ولم أعرف ماذا أقول إلا أنني سألته لِمَ تصلي خلف أخي وأنت النبي ليس هو؟ فأجابني: نعم هو ليس نبياً لكنه حفيد أعظم نبي محمد صلى الله عليه وآله، وأنا لا أتقدم السادة الكرام العلويين في صلاة ولا في أي شي‏ء آخر. سكت قليلاً ثم قال: أهلاً بكم عندي في الجنة التي أكرمني اللَّه عزَّ وجلَّ بها، وبارك اللَّه بكم وصلى عليكم أولكم وآخركم، وأضاف وهو ينظر إليّ: إبقي على يقينك ولا يفتننك أحد أياً كان... تابعنا صلاة العصر وبعد الفراغ منها ألقى النبي صلى الله عليه وآله التحية علينا، مودعاً يشع النور من جبهته... استيقظت من أجمل رؤية وأجمل حلم وأنا أنظر إليه، كان حلماً رائعاً، ويا ليته استمر إلى الآن، بل إلى الأبد.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع