ايفا علوية ناصر الدين
لو أمكن للحرِّية في تلك اللحظة أن تتمثَّل جسداً وروحاً، لتجهّمت ملامحها في انزعاج شديد ولأحسّت بحرارة الدم يغلي في عروقها، ولانتفضت بكل قواها صارخة في وجهه المتربع على شاشات التلفزة مباشرة على الهواء في مؤتمره الصحفي بخصوص التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة اللبنانية: "كفى يا "بوش" بي استهزاءً وكفى بك كذباً وادعاءً، أوقف مهزلة التاريخ هذه التي طابت لنفسك فيها أن تلوك اسمي بلسانك كوصفة طبّاخٍ ماهر لطبق تهواه النفوس الجائعة، وتتشدق به على مسامع العالم أجمع في لعبتك الخبيثة لدغدغة أحلام الشعوب وآمالها الواعدة مردِّداً هنا وهناك: فريدوم... فريدوم (الحرية) في ابتسامتك الساخرة تلك التي لم تعد توحي بالاطمئنان كما تريد لها أن تكون بل صارت تكشف عن أنيابك الوحشية المخبأة لساعات الغدر وما أكثرها في أيامك يا مدّعي الحرية...".
ولكانت عندما تراه يعيد الحديث عنها مراراً وتكراراً رفعت صوتها مدوّياً على منبر البشرية في حسرة المتألم المنفجر في عنفوان التحدي، مشيرة إليه بكلتا يديها: "انظروا من ينادي بي! هو نفسه من أرداني وزمرته المجرمون في فلسطين المغتصبة وفي العراق المحتل قتيلة، هو نفسه من لا يزال يغرز سكينه في قلبي النازف في بقاع الأرض ومع ذلك ترونه ينادي بوقاحة المستكبر: "فريدوم" مستغلاً شعاراته الواهية لابتلاع العالم بأسره". ولكانت أطلقت صدى كلمتها الأخيرة في موقفٍ حاسمٍ لا عودة عنه أبداً: "أنا "الحرّية" أعلن وأنا بكامل قواي العقلية أني أتبّرأ من مؤامرات المستكبرين، وأنك يا "بوش" وكل من يمشي في طريقك أعداء لي وللإنسانية، وإن لم تُبعدوا مخالبكم عني لأقفنَّ لكم بالمرصاد ولأثورنّ في انتفاضة جماهيرية ولا يهمّني بعد ذلك إن سمّيتموني "إرهابية"!".