مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المرأة القرآنية.. أيُّ نموذج هي!

هناء نور الدين‏

 



أيَّةُ امرأة تلك التي تحدَّث عنها القرآن فأسهب وأجاد؟ وأيُّ بيان ذاك الذي وصفها فحير العقول والألباب؟ وأيُّ اصطفاء حلَّق بها وارتفع في دنيا الملائكة فقرَّبها وأدناها؟ بل أيُّ نموذج هي؟ ولمن؟ ولماذا نبحث عنها كقدوة ونموذج في حياة الإنسان؟ عندما يتحدث القرآن الكريم عن المرأة المؤمنة (الزوجة، الأم، المرأة، المربية...) يرفعها إلى أعلى مصاف الإنسانية في العفَّة والطهارة والصلاح، فتارة نرى أنه يكرمها أشدَّ التكريم وذلك عندما يتحدَّث عن مقام الأم، يقول تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (لقمان: 14).

هذا إضافة إلى ما زخرت به السنَّة النبوية الشريفة من أحاديث تقدس دور المرأة وتجلُّ شأنها... وتارة أخرى يلزمها القرآن بمجموعة من الأحكام والمبادئ والأسس الشرعية وهو ما يعبر عنه بالواجبات والمحرمات أو بفقه المرأة الحقوقي وذلك ترسيخاً لحفظ النظام العام والسير في رحلة العبودية إلى اللَّه تعالى... وبعد ذلك يمضي القرآن معها ليمنحها أدواراً متعددة كي تكون حاضرة في قلب الحياة، تدير شؤون المجتمع الذي تعيش فيه وتتابع تفاصيله، لترتقي بقيم أفراده ومواطنيه. وهذا الدور أنيط بها لأنها مربية هذا الإنسان، وصانعة الأجيال، تغذيه بفكرها وعطائها وإيمانها وصلابة مواقفها، وهي إن كانت صالحة في عملية التربية والتعليم صلح المجتمع بأكمله ونال أسباب السعادة الروحية وارتقى سلَّم الكمال المعنوي. والعكس صحيح، إن فسدت وابتعدت عن النهج الإلهي فسد المجتمع بأكمله نحو مهاوي الرذيلة والفساد (وهذا ما نراه واقعاً في مجتمعاتنا).

لذلك توجه القرآن الكريم إليها بأسلوب مباشر وصريح تارة كما في قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...) (النور: 31) وفي معرض خطابه لنساء النبي يقول تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ (الأحزاب: 32). وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ (الأحزاب: 59). إلى الكثير غيرها من الآيات التي تهدف إلى إرساء مجموعة من الأحكام الشرعية والقواعد التربوية لحفظ المجتمع وصيانته من الدنس والانحراف، وتارة أخرى يخاطبها القرآن الكريم بلسان الجماعة... ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13) حيث جعل اللَّه تعالى الميزان في قبول الأعمال أيهما أكثر طاعة وتقوى، ويرسم لنا القرآن الكريم صورة رائعة للمجتمع المؤمن القائم لِلَّه تعالى برجاله ونسائه، السالك طريق العبودية الحقة، البعيد عن المعاصي والشهوات المحرَّمة، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الأحزاب: 35). نستشف من خلال هذا النص القرآني مجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية والرسالية التي تبدأ بالسير على خطى الإسلام والإيمان والطاعة المطلقة للَّه تعالى إلى الصدق في القول والعمل والصبر عند الشدائد ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ إلى الخشوع في العبادة وذكر اللَّه تعالى والإيثار واجتناب المحرمات لتكون النتيجة الرحمة والرضوان الإلهي والفناء المطلق في حبِّ اللَّه... وهذا يدل على مستوى التربية الروحية التي يجب أن يرتقي إليها هذا المجتمع كي يصبح رجاله القدوة، ونساؤه المثل الأعلى في الطهر والعفاف والغاية هي الوصول إلى القرب المعنوي من اللَّه تعالى... ولقد حفل القرآن الكريم بذكر نماذج نسائية كثيرة، مثلن أدواراً متعددة وكنَّ رائدات عبر التاريخ ووصلن إلى مستوى عالٍ من الكمال حتى استحققن وبجدارة أن يخلد القرآن ذكرهنَّ.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع