الشاعر عباس فتوني
|
أَقِرِّي فأحداقُ البريَّة تَرقُبُ |
رسومَ الدَّياجي والمَلائِكُ تكتُبُ |
|
إذا ما بدا الدِّينُ الحنيف مشرعاً |
فأي الخطوب من بروجِك تقرُبُ |
|
أعيدي شريط الذكريات وحدّقي |
بأزمنةٍ فيها الحسام مذرَّبُ |
|
يجولُ بأجيادِ النساءِ مبرِّحاً |
فترقدُ في قَعْر الصَّغارِ وتندُبُ |
|
فكم شَغَلتْ في الصيِّن أوضع منصبٍ |
ولا سائل عن شأنها حين تغرُبُ |
|
وكم أُحرقت في الهند بعد مماته |
ورُغماً إلى الزوج الألوهة تنسب |
|
وفي كنَفِ اليونانِ عاشتْ كسِلْعةٍ |
تُباعُ وتُشْرى والكرامةُ تُسْلَبُ |
|
وفي مسرحِ الرومانِ غُيِّبَ دَوْرُها |
واراؤُها عُرْضَ الجلامدِ تُضْربُ |
|
وقد وُئِدَتْ في الجاهليةِ عَنْوَةً |
ومولدُها ضَرْب من العارِ يُغضِبُ |
|
وما برحتْ للنائباتِ مطيَّةً |
على مِجْمَرٍ أحلامُها تتقلَّبُ |
|
فأشرق شرعُ اللَّه يَرفعُ بيرقاً |
معالمُه صنْعَ الطَّغامِ يُؤنِّبُ |
|
يُمزِّقُ دَيْجورَ الضَّلالِ شعاعُه |
كَلَيْلٍ توارى حينَ أشرقَ كوكبُ |
|
أتاكِ بألحانِ الحقوقِ وزَهْوِها |
صداها مساواةَ الخلائقِ يُعْرِبُ |
|
فهَلْ كافأتْ كفَّاكِ حُسْنَ بيانِه |
أمِ القلبُ ثاوٍ والمُحَيَّا مقطِّبُ |
|
لَعَمْرُكِ لا تحيا الشريعةُ دونما |
فؤادٍ على إحيائِها يتلهَّبُ |
|
أَلا هاكِ منْ شمس النبوةِ شعلةً |
سناها بأُفْقِ المجدِ هيهاتَ يُحجَبُ |
|
هيَ الايةُ الكبرى كَريمةُ فاطمٍ |
ومفخرةُ الطَّفِّ العقيلةُ زينبُ |
|
هي الطُّهْرُ والأخلاقَ والعِزَّ والتُّقى |
بصبرٍ جميلٍ رُوحُها تتجَلْببُ |
|
أغارتْ عليها الغائلاتُ إغارةً |
فما وهُنَتْ أو نالَ منها تغرُّبُ |
|
ولا رَهِبَتْ في كربلاءَ بوارقاً |
تُنازِلُ فرسانَ الجهادِ فتُغلَبُ |
|
يُبَلْسِمُ جُرْحَ الإِرتياعِ ثَباتُها |
وإنَّ حسيناً مُرْتَجاها ومطلبُ |
|
فحين رأتْهُ بالدِّماءِ مضرَّجاً |
وعيناهُ أنْواءَ المفازةِ تسكبُ |
|
أطلَّتْ كطيْفِ المرتضى من خِبائها |
وموجُ العِدى أنظارُه تترقبُ |
|
فما صرَختْ مِلْءَ الحناجرِ خيْبَةً |
ولا مَزَّقتْ ثوباً ليبْطَرَ مذنبُ |
|
رَنَتْ بِعُيُونِ القَلْبِ أَرْوِقَةَ السَّما |
تناجي الإلهَ والتقبُّلَ تطلُبُ |
|
تقبَّلْ أيا ربَّ الأنامِ شهادةً |
بأهدابها عُمْرَ المدى نتقرَّبُ |
|
تساقُ إلى الأنْباذِ وهْيَ سبيَّة |
يُكَلِّلُها طَوْد منَ العَزْمِ أَهْيَبُ |
|
يذودُ عنِ الإسلامِ سحرُ خطابها |
فتُخرِسُ فاهَ الكفْرِ ساعةَ تخطُبُ |
|
مضى ابْنُ زيادٍ معْ يزيدَ مذلَّلاً |
وعادتْ إلى المجْدِ المؤثَّلِ يثربُ |
|
ويبقى صناديدُ الطُّفوفِ منارةً |
ودُنْيا الإبا أُسْدَ الرسالةِ تُنْجبُ |
|
تُسَطِّرُ في سُوحِ الجهادِ ملاحماً |
سهامُ الطَّواغي بأسَها تتهيَّبُ |
|
أُعظِّمُ في أرضي مقاومةً حَوتْ |
قلوباً منَ الفولاذِ أقوى وأصلبُ |
مذَرَّب: حاد.
أجياد: مفردها جِيد أي العنق.
الجلامد: الصخور.
النائبات: مفردها النائبة أي المصيبة الشديدة.
الطغام: أرذال الناس.
الغائلات: المصائب.
أنواء: مفردها النوء أي المطر.
المؤثَّل: الراسخ.