رئيس التحرير
إذا أراد شخص أو أمة أن يغير ثقافة شخصٍ أو أمة فقد يجلس ويستحضر كل مخزوناته الثقافية والفكرية ليثبت أحقية فكرته وثقافته، ويحتدم النقاش والتحاور، ويقيم الندوات والمؤتمرات ويجري الأبحاث المشتركة معه ويطلع كل منهما الآخر على نتاج فكره وما توصل إليه من نتائج وتقدم وتطوّر وفي هذه الحالة يكون الدافع خالصاً ويكون الهدف المصالح المشتركة باعتبار أن هذا الشخص أو الأمة هو شريك معه في حياته على هذه الأرض ومصلحته مصلحة مشتركة تحتاج إلى تعاون مشترك. فهما سيصلان في النتيجة إلى هذه المصالح وقد تتحد أهدافهما وأساليبهما، ويساعد كل منهما الآخر في تطوره وتقدمه.
وقد يحاول من يريد أن يغير ثقافة شخص أو أمة أن يفرض ثقافته على الآخر، فيستخدم كل قواه العسكرية والتكنولوجية والمالية والمخابراتية والإعلامية والسياسية وفي النهاية الثقافية، فيهدد بالقوة ويهاجم في الكثير من الأحيان، ويفرض الحصار الاقتصادي ويرغب من ناحية أخرى، ويحاول أن يعرف مواضع الخلل ليدخل من خلالا ويسدد ضربته، ويستخدم إعلامه وثقافته ليبث المفاهيم الخاطئة والخادعة ويقلب المفاهيم. ويستخدم غرائز الناس لا عقولهم ليوجههم إلى أهدافه، من خلال هدم القيم بواسطة نشر الفساد الشخصي والعائلي والاجتماعي، وبالأخص من خلال سلاح الإعلام والتلفزيون. فتصير العفة تزمُّتاً والتحلل حريّة والتدين تعصباً وتأخراً والعلمانية والديمقراطية ولو بالقوة تطوراً وتقدماً وانفتاحاً، والاحتلال حقاً إنسانياً والمقاومة للمعتدي إرهاباً وتهديداً للإنسانية.
إن ما تقوم به أمريكا الآن هو من هذا النوع الثاني الذي ليس له هدف إلا السيطرة على الشعوب والأرض وتحقيق مطامعها ولو على حساب مصالح وأرواح الشعوب. ولكنه درس تعلمناه من الحسين عليه السلام في مواجهة الحكومة الأموية الظالمة التي سيطرت على معظم العالم والتي ظلمت وتجبرت وغيرت ثقافة المجتمع الإسلامي بقوة السيف حتى صار الحسين ابن بنت النبي صلى الله عليه وآله الذي لا يوجد أصلح منه في الأمة لقيادتها، خارجاً يطلب الحكم ويحارب حاكم زمانه ويقتل وأصحابه وتسبى نساؤه على خلاف الشريعة الإسلامية والأمة تنظر إلا القليل الذي لم يقبل أن يتخلى عن قيمه ومعتقداته وثقافته تحت السلاح.