أيها المقدس بالأسرار، من عرفك؟
لا زلنا نحيي ذكراك في كل عام، ونجدد عزيمتك في كل آن، ونلمس طيفك مع كل الأحزان..
لا زلنا نبكي نزولك على أرض المطار فرحاً، ونقفز من أماكننا ونحن نسمعك في "بهشت زهراء" شوقاً، وتنهمر دموعنا كلما شاهدناك في جماران وجداً..
لا زلنا نعشق وجهك الذي أضاء على كل العالمين، وسطع في قلوب المؤمنين، وأعاد لهم سيرة الطاهرين عليهم السلام.
لا زلنا نستمد من قوتك في مواجهة الكافرين، وندرس من حزمك في مقارعة المتجبرين.. فسيرتك صارت منهاجاً للصالحين، وكدحك أضحى وجهاً صادقاً لحقائق الدين..
اللهم إنا نشهد ونحن على أعتاب ذكرى رحيله أنه قد جاهد فيك حق الجهاد، وبلّغ عن نبيك حق البلاغ حتى أتاه اليقين..
ولكننا نخشى من جهلنا أن يطمس سر أسراره ويمحو معدن وجوده، فتغيب الحقائق وراء ألفاظ الشعارات، ونحيد كالأمم الماضين مرة أخرى. ونطيل من عمر الغيبة..
من عرف سر عرفان الإمام؟ ومن أدرك جوهر روحه؟
هو العارف، لكنه ليس كالسابقين..
هو الفقيه، لكن ليس كمثل الفقهاء..
هو الحكيم، لكنه بعيد عن الفلاسفة..
هو المصلح، ولكن كالأنبياء..
ومن يجيبني عن سؤالي، يعلم من أسراره شيئاً، ويدرك كنه ثورته ويمزج حقائق التوحيد بالفقه والعرفان..
اللهم إنا ندعوك وأنت الحجة علينا، أن لا نغفل بعد رحيله عن أهدافه الكبرى..
ونسألك أن تمنّ علينا ببركات هدايته العظمى.. فإنه قد خرج للقاء الغائب المنتظر عليه السلام، ومهّد له بكل ما أوتي من قوة، وجعل دماء الشهداء والصالحين تسيل في قناة العشق للمحبوب الأول لتسقي شجرة الإسلام السامية.. هذا موعد ذكرى رحيله قد اقترب ونحن لم نعرفه؟
فمن عرفه؟!