مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

انظر أي عذاب توعّد به القرآن‏

الشيخ حسين كوراني‏

 



هذه محاولة ننتقل معها إلى مجالس العلماء بكل ما تحفل به من رحيق براعم الوحي وأزهاره، وشذا عطرها المحمدي، وأريجه المتضوع. وما زلنا في مجلس الإمام الخميني عليه الرحمة والرضوان: أيها العزيز لقد ثبت في العلوم العالية أن مراتب الاستعداد غير متناهية... مهما تصوَّرْتَ أنت وتصوَّرَتْ جميع العقول شدة العذاب... فإن ما هو أشد من ذلك ممكن. إذا كنت لم تطَّلع على برهان الحكماء، أو كنت لا تصدق كشف أهل الرياضة، فأنت بحمد اللَّه مؤمن تعتبر الأنبياء صلوات اللَّه عليهم صادقين. أنت تعتبر الأخبار الواردة في كتبنا المعتبرة التي يقبلها علماء الإمامية صحيحة.

 أنت رأيت مناجاة مولى المتقين أمير المؤمنين سلام اللَّه عليه ورأيت مناجاة سيد الساجدين د في دعاء أبي حمزة. تأمَّل قليلاً في مضمونها، فكِّر بعض الشي‏ء في فقراتها. ليس من اللاَّزم أن تقرأ دعاءً طويلاً دفعة واحدة على عجل وبسرعة ولا تفكِّر في معانيه. أنا وأنت ليس لنا حال الإمام السجاد عليه السلام لنقرأ ذلك الدعاء الطويل بتوجه. اقرأ في كل ليلة ربعه، أو ثلثه، بتوجه وفكِّر في فقراته. لعلك تصبح صاحب حال. وبقطع النظر عن كل ما تقدم، فكِّر قليلاً في القران. انظر أي عذاب توَعَّد به أهل جهنم. يطلبون من "مالِك" أن يقضي عليهم. هيهات لا مجال للموت. انظر إلى قوله تعالى: ﴿... يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ (الزمر/56). ترى... أية حسرة هي هذه التي يعبِّر عنها اللَّه مع كل عظمته بهذا التعبير. تدبَّر في الاية الشريفة المباركة... ولا تمر بها بدون تأمل وتدبر. ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (الحج/2).

فكِّر جيداً يا عزيزي، ليس القرآن نعوذ باللَّه كتاب قصة. لا يمزح معك. انظر ماذا يقول: أي عذاب هذا الذي ينسينا عزيزنا ويسقط الحامل؟ ترى... أي عذاب هذا الذي يصفه اللَّه تعالى رغم كل عظمته بالشدة. وفي مكان آخر بالعظمة. الشي‏ء الذي يصفه اللَّه تعالى الذي لا حد ولا حصر لعظمته ولا حد لعزته وسلطنته بالشدة والعظمة، ما هي حقيقته يا ترى؟ يعلم اللَّه. عقلي وعقلك وفكر جميع البشر يعجز عن تصوره. إذا رجعت إلى أخبار أهل بيت العصمة الطاهرة وأثارهم، وتأمَّلت فيها تفهم أن قضية عذاب ذلك العالم غير العذابات التي تصورت. القياس بعذاب هذا العالم قياس باطل مغلوط. أنقل لك حديثاً شريفاً عن الشيخ الجليل القدر صدوق الطائفة، لتعلم ما هي حقيقة الأمر، وخطورة المصيبة. مع أن هذا الحديث هو حول جهنم الأعمال التي هي أبرد من جميع أنواع جهنم، ويجب أن تعلم أولاً أن الشيخ الصدوق الذي يروي هذا الحديث هو من يتصاغر أمامه جميع العلماء الأعلام، ويعترفون بجلالة قدره. ذلك المعظَّم ولد بدعاء الإمام الحجة ب والكاتب (يقصد الإمام نفسه) ينقل الحديث بطرق عديدة عن كبار علماء الإمامية عليهم رضوان اللَّه، متصلة بالشيخ الصدوق. والمشايخ ما بيننا وبين الصدوق كلهم من ثقاة الأصحاب. إذا كنت من أهل الإيمان فيجب أن تعتقد بهذا الحديث. روى الصدوق بإسناده عن مولانا الصادق عليه السلام قال: بينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ذات يوم قاعد إذ أتاه جبرئيل وهو كئيب حزين متغير اللون فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يا جبرائيل مالي أراك كئيباً حزيناً؟ فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك وإنما وُضعت منافخ جهنم اليوم فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: وما منافخ جهنم يا جبرائيل؟

فقال: إن اللَّه تعالى أمر بالنار فأُوقد عليها ألف عام حتى احمرَّت، ثم أمر بها فأُوقد عليها ألف عام حتى ابيضَّت، ثم أمر بها فأُوقد عليها ألف عام حتى اسودَّت وهي سوداء مظلمة فلو أن حلقة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً، وضعت على الدنيا لذابت من حرِّها، ولو أن قطرة من الزقوم والضريع قطرت في شراب أهل الدنيا مات أهل الدنيا من نتنها. قال: فبكى رسول اللَّه ا، وبكى جبرائيل فبعث اللَّه إليهما ملكاً، فقال إن ربكما يقرؤكما السلام ويقول: إني أمنتكما من أن تذنبا ذنباً أعذبكما عليه. أيها العزيز: أمثال هذا الحديث الشريف كثيرة جداً، ووجود جهنم وعذابها الأليم من ضروريات جميع الأديان وواضحات البرهان. وقد رأى أصحاب المكاشفة وأرباب القلوب في هذا العالم نموذجاً منه. تصور جيداً، وتدبر في مضمون هذا الحديث الذي يقصم الظهر. حقاً، ألا ينبغي إذا كنت فقط تحتمل صحته أن تيمم وجهك كالمجانين شطر الصحراء؟ ماذا جرى؟! لماذا نحن إلى هذا الحد سادرون في نوم الغفلة والجهالة؟!! هل نزل علينا ملك كما نزل على رسول اللَّه وجبرائيل فأمننا من العذاب؟ علماً بأن رسول اللَّه ا وأولياءه، لم يهنأوا بمنام ولا طعام، ولم يقر لهم قرار من خوف اللَّه إلى آخر أعمارهم. ولي أمر اللَّه كان يُغشى عليه من خوف اللَّه، علي بن الحسين عليه السلام، إمام معصوم... بكاؤه ومناجاته وإظهاره العجز، ونحيبه، يمزق القلب إرباً إرباً. ماذا جرى لنا، فلا نستحي أبداً؟ نهتك الحرمات والنواميس الإلهية في محضر الربوبية إلى هذا الحد؟ ألويل لنا، ولغفلتنا، ولشدَّة سكرات موتنا. ألا فالويل لنا في البرزخ وشدائده، وفي القيامة وظلماتها. ألا فالويل لحالنا في جهنم وعذابها وعقابها(1) .


(1) الإمام الخميني، الأربعون حديثاً، ترجمة الكاتب. من الحديث الأول تحت عنوان "في الموازنة".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع