ايفا علوية ناصر الدين
قرابة الثانية عشر ليلاً، تنح؟ الكثيرون عن موائدهم العامرة لحظات توقف فيها الهرج والمرج الذي يسود أجواءهم ليحل الصمت حيث غرقوا في ترقب مستميت وهم يتسمّرون قبالة الساعة التي كانت تتحرك عقاربها أمامهم في دقات متتالية وهي تقترب من معانقة أطراف الثانية عشر.
وفي مكانها المعتاد، كانت ساعة الحائط تقف على أحد جدران الغرفة تعاين المجتمعين فيها لإحياء ليلة رأس السنة والذين ضاق بهم المكان بعدما استنفذوا جميع المباهج التي جهدوا في تحضيرها لتلك الليلة "الاستثنائية"، وما بقي لهم إلا انتظار البهجة الأكبر التي ستسلي نفوسهم وتثير فيها موجة جديدة من الفرح والسرور ألا وهي حلول العام الجديد.
كانت الساعة تزف إليهم النبأ وهي تتوقع أن ترى في أعينهم ملامح الحسرة على فوات سنة من عمرهم الذي تُقلب السنوات صفحاته المتلاشية كأوراق الشجر في مهب الريح، أو أن تسمع في قلوبهم دقات الخوف من المصير المجهول الذي ستحمله إليهم أيام سنتهم القادمة، لكنها ما رأت في عيونهم سوى أطياف فرحة تتراقص بجنون ولا سمعت في قلوبهم سوى ألحان غفلة عمياء... وكم تمنت لهم الخير بمعانيه الحقيقية عندما سمعتهم يتبادلون التهاني ويقولون: كل عام وأنتم بخير.