مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

محكمة الضمير الدولية جبهة حقوقية عالمية في مواجهة الإجرام الصهيوني

مقابلة مع الأستاذ قاسم عزّ الدين‏

حوار: موسى حسين صفوان‏


بينما كانت القاذفات الصهيونية المجرمة تلقي حمم حقدها في الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية وكافة المناطق اللبنانية، أطلق مع بعض أصدقائه اللبنانيين الذين يعيشون في فرنسا نداءً لقيام محكمة ضمير دولية، لمحاكمة جرائم الحرب التي لا تزال بدون عقاب. وقد نجح بإجراء اتصالات مع حوالي 2500 شخصية قانونية من القارات الخمس، ليشاركوا في هذا المشروع القضائي الإنساني، والذي سيعقد في بروكسل في نهاية شهر تشرين الأول من هذا العام. إنه الحقوقي البلجيكي (راوول مارك جينار) الذي قصد لبنان في زيارات ثلاث، ليكون شاهداً على المجازر التي ارتكبتها يد العدوان الإسرائيلي بحق لبنان وشعبه. وهو يعتبر نفسه جندياً على جبهة حقوق الإنسان، وقد قام بعمل حقوقي مشابه في كمبوديا وفي رواندا، كما شارك في مهمات من هذا النوع في لبنان في العام 1978 وكذلك في العام 1982.

ولا شك في أن قيام فريق من الحقوقيين من قارات العالم الخمس، يترك أثراً مفيداً في الرأي العام العالمي، خاصة لدى الهيئات والجمعيات الإنسانية التي تستطيع أن تساهم بشكل أو بآخر في القرار السياسي، وفي إزالة الضباب والرماد الذي تذره الدوائر الاستكبارية في الأجواء، من خلال هيمنتها على وسائل الإعلام وحجب وقائع الإجرام الصهيوني عن شعوب الأرض، بهدف تشكيل الرأي العام لما يخدم مطامعها الإمبريالية. ومن أجل مزيد من التفاصيل حول ظروف وأسباب وحيثيات تأسيس هذه المحكمة، أجرينا هذه المقابلة مع الأستاذ قاسم عز الدين(1)، الصحفي اللبناني الناشط في محكمة الضمير الدولية، وفي حركة العولمة البديلة، وهو من دعاة المقاومة الواسعة من أجل حقوق الشعوب والدول.

* ما هي ظروف تأسيس هذه المحكمة وما هي أهدافها؟
على أثر الجرائم الفظيعة التي ارتكبها جيش العدوان الإسرائيلي، تداعى الكثير من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وبخاصة الدكتور "راوول" المعروف بنشاطاته الحقوقية في هذا المجال، وحوالي 250 شخصية من مختلف بلدان العالم، للعمل على إنشاء محكمة ضمير تحاكم الجرائم الصهيونية في لبنان. وهناك سوابق لمحاكمات شعبية من هذا النوع يتناول فيها الناس صفة الادعاء، وذلك لأن الهيئات الرسمية الموكلة بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب من قبل الأمم المتحدة ما برحت تقصّر في مهماتها لأسباب سياسية... مثلاً، جرائم الحرب في العراق وفلسطين وغيرها... فالهدف من هذه المحكمة ليس فقط لتسجيل موقف أو لذر الرماد في العيون، بل هو محاكمة المجرم محاكمة حقيقية ومعاقبته.

* بماذا تتميز هذه المحكمة عن محكمة العدل الدولية في (لاهاي)؟
تتميز محكمة الضمير الدولية بأنها غير خاضعة للتأثيرات والضغوطات السياسية، فمثلاً، يفترض بمحكمة العدل الدولية في لاهاي، أو اتفاقية روما التي عقدت مجدداً، أن تتدخل في النزاعات، ولكن أميركا وإسرائيل لم توقعا عليها، وبذلك يتعذر حسب قانون المحكمة محاكمتهما، وبهذا تصبح هذه المحكمة مشلولة، علماً بأن اتفاقية روما تتيح ليس فقط للدول أن ترفع شكاوى، بل حتى للمتضررين، كما تتيح للشعوب أن ترفع شكاوى ضد حكوماتهما، ولكن هذه الاتفاقية تظل مشلولة ما لم توقع عليها الدول المعنية. ولذلك كانت مبادرتنا تحت عنوان "محكمة الضمير الدولية"، تهدف إلى إصدار أحكام قانونية حقيقية قائمة على أسس قانونية دولية، وبمشاركة قضاة مشهود لهم من جميع القارات. ويتم إصدار هذه الأحكام في ملفات قانونية موثقة بوثائق تثبت جرائم الحرب وتحصي الخسائر الاقتصادية، والجرائم ضد الإنسانية.

* كيف سيتم تشكيل هذه المحكمة، وأين سيكون مركزها؟
تتألف الهيئة الاتهامية (الادعاء العام) من حوالى 200 شخصية عالمية معروفين بنشاطهم في مجال حقوق الإنسان ومناهضين للحروب، ودعاة السلم والذين يمثلون مئات الجمعيات والهيئات الأهلية، والهدف من ذلك أن تكون هناك مسؤولية عالمية على أوسع نطاق من أوروبا، وأميركا اللاتينية وشرق آسيا... الخ.

أما المركز الرئيس، فسوف يكون في بروكسل في بلجيكا، حيث أُسست جمعية اسمها (محكمة الضمير الدولية لمحاكمة جرائم الحرب الإسرائيلية في لبنان) وهدفنا أن تكون محكمة دائمة. وهناك ملفات أخرى يمكن أن تعرض للمحاكمة مثل قضية جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الجيش المصري في حرب العام 1967 وأمثال أخرى في أميركا اللاتينية وغيرها، وهذا يعني أن محكمة الضمير الدولية ستصبح هيئة صالحة لمحاكمة جرائم الحرب ضد الإنسانية ولكن مهمتها الأولى ستكون محاكمة جرائم الحرب الإسرائيلية على لبنان... يجب أن نكسر حواجز الصمت، ونكسر ما صار متعارفاً عليه من أن إسرائيل لا تعاقَب. هذا الاغضاء الدولي عن إسرائيل دون غيرها يجب كسره، وقد أخذنا على عاتقنا أن نكسر هذا العرف الظالم.

* من هي أهم الشخصيات المشاركة في هذه المحكمة؟
هدفنا إشراك أكبر قدر ممكن من المناهضين للحرب وتحميلهم المسؤولية، وهدفنا أن يكون هناك هيئة قابلة للاستمرار، لذا نحاول أن يكون في كل بلد من بلدان العالم هيئة متابعة مسؤولة من الأحزاب السياسية أو الجمعيات الحقوقية والنقابيين، وجمعيات المجتمع المدني وكل هيئة تتولى إرسال مندوبها إلى المحكمة. وفي لبنان، هناك هيئة تنسيق من القانونيين والحقوقيين، منهم: الدكتور محمد طي، الدكتور حسن الجوني، ألبير فرحات، والدكتور عصام نعمان والنائب غسان مخيبر... الخ... أما في هيئة التنسيق الأوروبية، فهناك الدكتور (راوول جينار) وهو بلجيكي، وقد كلف من الأمم المتحدة بملف محاكمة الخمير الحمر في كمبوديا. كما هناك الدكتورة ليلى غانم، وهي التي أطلقت المبادرة في اجتماع لعلماء الاجتماع في دوربن في أفريقيا الجنوبية، وذلك في اليوم الثاني للعدوان الإسرائيلي على لبنان. وهناك لجان داعمة لهذه المبادرة، منها لجنة حقوق الإنسان العربية، واتحاد القضاة الديمقراطيين الأوروبيين في أمريكا اللاتينية واتحاد حقوقيي أميركا الشمالية والجنوبية.

* هل تستطيع هذه المحكمة تحقيق أهدافها في إدانة إسرائيل؟
في هذه المحاكمة، هدفنا تحميل المسؤولية إلى كل الناس، لأن عدوان إسرائيل على لبنان، ليس عدواناً على طرف، بل هو عدوان على رمز من رموز الإنسانية كلها، لأن المقاومة حق لكل الشعوب المضطهدة... والناس عندما تحمل المسؤولية، فذلك أهم من الدول. ويمكن أن يُترجم ذلك عملياً، ففي أوروبا مثلاً، تجد أن الصلة ما بين الحكومات وإسرائيل تمر عبر الجامعات والمؤسسات والتعاون الصحي، فإذا تمت إدانة هذا الكيان، فإن الشعوب المؤمنة بالحرية والمناهضة للعدوان سوف تنفذ حكم الضمير، وتقاطع هذه الشخصيات أو المؤسسات، والدول في هذه الحالة عاجزة عن اختراق هذا الجدار الذي صنعه النظام العالمي، أما الشعوب فهي غير عاجزة. المهم أن تتمكن المحكمة من كسر حاجز الإعلام وإيصال الحقيقة إلى الناس.

* عملياً كيف سيتم عقد هذه المحكمة وكيف ستؤمِّنون التغطية الإعلامية المناسبة؟
ستعقد المحكمة في شهر تشرين الثاني في جامعة بروكسل، وسيكون فيها إضافة للقضاة والقانونيين وهيئة الادعاء، ممثلون من سفارات الدول العربية والإسلامية، وأساتذة الجامعات في بروكسل وأوروبا. وإضافة لأعمال المحكمة، ستُعقد على هامش المحاكمة إلى جانب القاعة الرئيسية ندوات، وتقام نشاطات ثقافية، وحوارات فكرية، وتعرض أفلام وثائقية، وصور تعبر عن فظاعة الجرائم الإسرائيلية والأميركية. وسنحاول في هذين اليومين أن تكون هناك تغطية إعلامية واسعة، فهناك تغطية إعلامية مباشرة من أمريكا اللاتينية، والهند وغيرها من البلدان وبلغات مختلفة وفي المنطقة العربية يفترض أن تكون هناك تغطية على قناة الجزيرة والمنار والنور، وكذلك في مصر وسوريا وغيرهما... وسوف يساعد في توجيه الانتباه الإعلامي أن الدعوة للمحكمة ستكون في اليوم نفسه الذي تطلق فيه بلدية باريس دعوتها لدعم الجيش الإسرائيلي، فمن المعتاد أن تطلق بلدية باريس كل عام خلال النصف الثاني من شهر أيلول دعوة لدعم الجيش الإسرائيلي.

* كيف يتم تأمين التمويل لهذه المحكمة؟
بالنسبة للتمويل، فإن الاعتماد الأساسي على الناس، وعلى الهيئات الأهلية، والحاجة للتمويل أصلاً قليلة، لأن الأعباء موزعة على العديد من الهيئات، فكل هيئة ترسل مندوبيها تساهم في تمويل نشاطهم، فضلاً عن أن الهيئات القضائية والادعاء وما شابه مؤلفة من حقوقيين ناشطين في هذا المجال، وهم متطوعون في هذه المحكمة. تبقى هناك حاجة لتمويل النفقات الضرورية للترجمة، واستئجار القاعة، ومصاريف المؤتمر... الخ... وهذه المبالغ سوف يتم تأمينها عن طريق التبرعات الشخصية والمساهمات المقدمة من الهيئات الإنسانية، وقد وزعت الجمعية في موقعها على الإنترنت رقم الحساب لمن يرغب بالمساهمة في التمويل، أو المشاركة بإنجاح هذه المحاكمة.
 


الهوامش:
(1) كاتب صحفي في مجلة البدائل، ومشارك في عدة مراكز أبحاث.
*عنوان الموقع: www.resistglob.net/ara*
*المساهمة بالدعم المالي للجمعية:
Jury international liban / cpte: 877-727895-61/Liban: Be 27-5877-7289-6172‏
Bic: GKCCBEBB*
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع