مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آداب ومستحبات‏: فتات الطعام‏: شفاء من كل داء

السيد سامي خضرا

 



من جملة العادات الدخيلة على بيئتنا في العقود الأخيرة ، عادة الاستهتار بما يُسمى "فضلات الطعام". حتى يكاد لا يخلو بيت من هذه الآفة، حيث بات مشهد رمي الطعام أمراً مألوفاً وعادياً على أبواب البيوت والمطاعم! وهذا مخالف لِما تربَّت عليه أُمة الإسلام من احترام النِّعم وتعظيمها، وعدم الاستهتار بها ولو كانت قليلة، وهذا ما ينبغي تربية الأبناء عليه، حتى يعمَّ الخير وتدوم البركة.

1 - فالمستحب للمرء في منزله، أن يلتقط ما سقط على الأرض من الأطعمةِ وفُتاتِ الخبز، ولو كان مثلَ السمسم، ثم يأكُلَهُ بقصد الاستشفاء به والعافية، سواء أكان مريضاً أو صحيحاً. عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: "الذي يسقُط من المائدة، مهورُ الحورِ العين"(1). وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: "كلوا ما يسقُط من الخوان (والخوان: مائدة الطعام)، فإنّه شفاءٌ من كل داء بإذن الله، لمن أراد أن يستشفيَ به"(2). وعن الصادق عليه السلام، بعدما التقط ما وقع من المائدة وأكله، قال: "إنه ينفي الفقر، ويُكثرُ الولد"(3). وذكر عبد الله بن صالح الخثعمي، قال: شكوتُ إلى أبي عبد الله عليه السلام وجعَ الخاصرة، فقال: "عليك بما يسقط من الخِوان، فكُلْهُ"، ثم تابع عبد الله بن صالح يقول: ففعلت، فذهب عني. وجرَّب ذلك إبراهيم بن عبد الحميد، بعد سماعه للرواية من ابن صالح، حيث كان قد شعر بوجع في الجنب الأيمن والأيسر، فأخذ ذلك، فانتفع به(4). وعن عبد الله الأرجاني قال: كنتُ عند أبي عبد الله عليه السلام وهو يأكل، فرأيتُه يتتبَّعُ مثلَ السمسمةِ من الطعام، ما يسقطُ من الخِوان، فقلتُ: جُعِلتُ فداك! تتَّبعُ هذا؟ قال: "يا عبد الله، هذا رزقُكَ، فلا تَدَعْهُ لغيرك، أما إنَّ فيه شفاءً من كل داء"(5).

2 - كذلك يستحب له لو رأى فتات الخبز، أو تمرةً، أن يرفعها ويأكلها، حتى ولو كانت في مكانٍ غير نظيف، فَلْيَغْسِلْهَا وَلْيَأكُلْها، وفي هذا إشارةٌ إلى التواضع، وذِكرِ النعمة وشُكرِها، وتعظيمِ المنعمِ وحمدِه، وإصلاحِ النفس وحفظِ الدين وصيانته، فكم هو الفرق كبير بين مَنْ يلتقط كِسراتِ الخبز، وسواقطَ الأطعمة، ويأكُلُها قربةً إلى الله وتواضعاً له عز وجل، وبين مَنْ يُهْمِلُها، أو يرميها ويحتقرُها! فأين هي نفسيةُ هذا من ذاك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من وجد تمرةً أو كسرةً ملقاة، فأكلها، لم تستقرَّ في جوفه حتى يغفر الله له"(6). ورُوي عن الصادق عليه السلام أنه قال في التمرة والكِسْرَة، تكون في الأرض مطروحة، فيأخذُها إنسانٌ ويأكلُها، قال: "لا تستقر في جوفه حتى تجب له الجنة"(7).

3 - وكما يجب إكرامُ النِّعم وتقديرُها، كذلك يجب إكرامُ الخبز بشكل خاص تمييزاً له عن غيره من أصناف الطعام والشراب. فقد ورد في العديد من النصوص والروايات، وجوبُ إكرام الخبز والحنطةِ والشعير، وتحريمُ إهانته ودَوْسِهِ بالرِّجْلِ، ووطء السُّفرةِ به، وأن الله تبارك وتعالى عذَّب قوماً وغضب عليهم، لأنهم لم يحترموا الخبز بل استعملوه في أمور قبيحة، تُسبِّبُ الإهانةَ له، ومن بين هؤلاء قومٌ من بني إسرائيل، وأهلُ القرية التي كانت آمنةً مطمئنةً يأتيها رزقُها رَغَداً فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف(8).

4 وذُكر في الشريعة المقدسة استحباب الاستلقاء بعد الأكل، ووضعِ الرِجلِ اليمنى على اليُسرى، فعن الرضا عليه السلام أنه قال: "إذا أكلتَ، فاستلقِ على قفاك، (أي على ظهرك)، وضع رِجلَك اليمنى على اليُسرى"(9). وجاء عن أحدهم قوله: "رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام إذا تغدَّى استلقى على قفاه، وألقى رجلَه اليمنى على اليسرى"(10).


(1) وسائل الشيعة: ج‏16، ص‏606، ح‏7.
(2) المصدر نفسه: ص‏605، ح‏3.
(3) المصدر نفسه: ح‏4.
(4) وسائل الشيعة: ج‏16، ص‏604، ح‏1.
(5) المصدر نفسه: ص‏605، ح‏6.
(6) وسائل الشيعة: ج‏16، ص‏607، ح‏2.
(7) وسائل الشيعة: ج‏16، ص‏607، ح‏1.
(8) وسائل الشيعة: ج‏16، ص‏609.
(9) المصدر نفسه: ص‏603، ح‏1.
(10) المصدر نفسه: ص‏604، ح‏2.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع