ايفا علوية ناصر الدين
(إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون)
أيام معدودة وينتقل إلى رحمة اللَّه تعالى المأسوف على أيامه ولياليه عام 2006، وذلك عند حلول منتصف رأس السنة عن عمر يناهز 365 يوماً قضاها في صراع مرير مع مرض «الغفلة» الفتّاك الذي أثقل حركته بقيود حب الدنيا، ورمى به متهالكاً في ساحاتها، متخبطاً في متاهات الخير والشر، مترنحاً في مساحات الحق والباطل، متأرجحاً بين عقارب اليأس والأمل.
وبهذه المناسبة سيقيم كل من تعزّ عليه سنوات عمره، ويشعر بالحسرة على ضياعها، ويدرك قيمة ما بقي منها مجالس ذكر تتخللها لحظات من الصمت والتفكُّر والتدبُّر والتأمُّل والمراقبة والمحاسبة والمجاهدة والمشارطة والمعاهدة للتغلب على أهواء النفس ونوازعها، وإنقاذها من الغرق في بحور المعاصي والرذائل، وانتشالها إلى شواطئ العبودية الحقة حيث الطمأنينة والأمان.
وهناك من يسيئون إلى "الراحل" قبل ساعات معدودة على مفارقته الحياة، فينصرفون بكل وجودهم إلى اللهو والعبث متناسين أنه فقيدهم أيضاً، وأن لهم نصيباً من خسارته.
فكيف يُعقل أن يودّع الناس راحلاً عزيزاً وهم يحتفلون على جثته بموائد عامرة بالبهجة والسرور، عارمة بالفرح والغبطة بعيداً عن مظاهر اللوعة والأسى؟
سؤال يهب مع رياح كانون الأول في نهاية كل عام وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة متلاشياً متساقطاً كورقة خريف مصفرّة من شجرة العمر.
ولكم من بعده طول البقاء...