أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أوّل الكلام‏: في محنة التراث.. لا ينفع الندم‏

الشيخ يوسف سرور

 



يواجه التراث العاملي في هذه الأيام مشكلة، بل محنةً كبيرة تحتاج مواجهتها إلى حكمة وتدبر وشي‏ء من الشجاعة وبعض الكرم. في جبل عامل، في قراه الأمامية التي تقع على رأس قوس المواجهة بل على حدّ سيفه، في هذه القرى، لا سيما التي أصابها الدمار الكبير، بعض هذه القرى أزالت الحرب معالم آثارها، قلب القرية الذي كان أساسها ونواتها سوّي بالأرض، تعرّضت بيوتها المبنية من أحجار هذه الأرض حصراً، والتي تشكل وجهاً أساسياً من وجوه هذه الأرض تعرّضت بفعل العدوان إلى التدمير والتخريب، أزقة هذه القرى وأرصفتها القديمة، والتي كانت مواطئ أقدام الأجداد والآباء ومعظم الجيل الحاضر، شوّهت معالمها حتى عادت كأنها غيرها.

جدران الدعم في القرية القديمة والتي تشكل حدود المعالم من مساجد وحسينيات ومقابر وساحات وأحياء وحارات تبعثرت حجارتها المأخوذة من جنبات هذه الأرض حصراً، والمكحلة بطين هذه الأرض وماء سمائها حصراً. إذاً، هنا كانت مراتع طفولة وصبا أجيال متمادية، وهنا مواطن ذكريات حفرت عميقاً في وجدان شعب، تمدد أصحابها تحت أرضها في سُبات أبدي مطمئنين أن أمانتهم في حصن حصين. هنا تراكمت صفحات تاريخ كامل، أو بعضها في كتاب الأمة المكتوب بمداد القلوب. هنا تشرّبت الأرض خلاصات أهلها، وتلقفت حبات عرقهم المتدحرجة من جباههم في مسيرة البناء المتمادية عبر القرون. في هذه المعالم، من هذه الأرض الطاهرة سكن وجدان شعب واستوطن أعماقها لا يرتضي عنها بدلاً. ... بالأمس واليوم، شهدت هذه المعالم فعل الحق بأيدي المجاهدين، واستقت أرضها ريّاً من نجيع أبنائها الذين أحبوها وأحبتهم، حتى كأنهم صاروا كل قصائدها والأراجيز. عَدَت يد العدوان على هذه الأرض، فأهلكت حرثها، جهدت من أجل إهلاك نسلها، وعملت على تخريب وجهها وتدميره. قتلت الكثير من أبنائها.. الرجال، النساء، الشيوخ والأطفال، لكن أبناءها الأباة ظلت قلوبهم تنبض حياةً رغم كل آلات الموت والدمار. سطر رجال هذه الأرض أروع ملاحم النصر والبطولة حتى غدوا رجال اللَّه، أوتاد الأرض، عناوين العزة والشرف والإباء، لكأنّ التاريخ تاريخ هذه الأرض، اندكّ في مسيرة هؤلاء، فصاروا ضوءه المشعّ على حاضرنا، والراسم للأمة معالم المستقبل.

فيا أيها المعنيون، لا تكافئوا هذه الأرض وأهلها بإهمال تاريخها وتخريب عناوين الذاكرة القرية القديمة لا تعينوا العدو اللاهث لقتلنا وقتل تاريخنا ومستقبلنا والحاضر بإزالة معالمنا المظلومة. المطلوب فقط شي‏ء من الشجاعة في القرار بإيلائها عناية خاصة وحث الدول المتبنية على بسط اليد قليلاً أمام هذا الإرث حتى لا يظل في معرض الضياع. المطلوب تعاون مع الجمعيات الأهلية، والبلديات وكل الحريصين من أجل حفظ هذا التراث، حتى لا نصحو غداً على قرى ضاع تاريخها بيد أهلها، وحينها لا ينفع الندم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع