عباس فتوني
|
الْفَجْرُ فاهَ افْتِخاراً ثَغْرُهُ الأَنِقُ |
مِنْ أَرْزِ "لُبْنانَ" عِطْرُ الْفَخْرِ يُنْتَشَقُ |
|
تَبَلَّجَ الْفَجْرُ زَهْواً، وَامَّحَى الْغَسَقُ |
وَاخْتالَتِ الشُّهْبُ جَذْلَى، وَانْجَلَى الْفَلَقُ |
|
وَالنُّورُ يَرْقُصُ بِالآلاءِ مُزْدَهِياً |
وَالْبِشْرُ كَالْوابِلِ الْهَطَّال يَنْدَلِقُ |
|
وَالشُّهْبُ غَنَّتْ أَناشِيدَ الضُّحَى طَرَباً |
وَالْعَيْنُ قَرَّتْ، وَزالَ الْهَمُّ وَالأَرَقُ |
|
وَالدَّوْحُ تَرْفلُ بِالأَثْمارِ زاهِيَةً |
كَأَنَّها حُورُ عِينٍ زانَها الْحَلَقُ |
|
وَضَمَّخَ الْوَرْدُ أَرْواقَ الدُّنى أَرَجاً |
وَهَلَّ قَطْرُ النَّدَى فَاسْتَيْقَظَ الْحَبَقُ |
|
وَازْدانَتِ الأَرْضُ بِالْبُشْرَى بِما رَحُبَتْ |
وَسارَعَ السَّمْعُ شَدْوَ الطَّيْرِ يَسْتَرِقُ |
|
هامُ الرُّبُوعِ بِدُرِّ الدَّمِّ رَصَّعَها |
جُنْدٌ أُباةٌ مُلاقاةَ الرَّدَى عَشِقُوا |
|
ظَلَّتْ دِماؤُهُمُ تَنْسابُ ساطِعَةً |
حَتَّى تَأَلَّقَ فِي آفاقِنا الأَلَقُ |
|
يا أَرْضَ "عامِلَ" أَنْتِ الدَّهْرَ مَأْثرةٌ |
نُجُومُكِ الْغُرُّ فَوْقَ الْمُشْتَرِي بَسَقُوا |
|
يا أَرْضَ "عامِلَ" حَيَّتْكِ الدُّنى شَدَهاً |
مِنَ الْمُقاوِمِ وَهْوَ الْباسِلُ اللَّبِقُ |
|
نارُ الْجِهادِ عَلَى الأَرْجاسِ أجَّجَها |
وَأَلْهَبَ الرُّعْبَ فِي أَعْماقِ مَنْ فَسَقُوا |
|
وَأَسْرَجَ الْخَيْلَ لِلْهَيْجاءِ صاهِلَةً |
فَالْخَصْمُ تَحْتَ خِفافِ الْخَيْلِ يَنْسَحِقُ |
|
يا مَوكِبَ الطُّهْرِ حَدِّثْ عَنْ فَتًى حَمِسٍ |
يَأْبَى الصَّغارَ، وَبِاسْمِ اللَّهِ يَنْطَلِقُ |
|
كَواكِبُ الْفَتْحِ مِنْ عَيْنَيْنِ قَدْ بَزَغَتْ |
وَمِنْ وَهِيجِ دِماهُ خُضِّبَ الشَّفَقُ |
|
دَكَّ الْمَعاقِلَ لَمْ يَأْبَهْ لِجَحفَلِها |
حَتَّى تَضَوَّعَ مِنْ أَوْصالِهِ الْعَبَقُ |
|
تَطايَرَتْ جُثَثُ الأَنْباذِ ثاوِيَةً |
كَأَنَّ أَشْلاءَهُمْ فِي الْمُنْتَهَى وَرَقُ |
|
جَيْشُ الْعُتاةِ هَوَى تَهْديدُهُ عَبَثاً |
حِيالَ حَدِّ الْمَواضِي حَلَّهُ الْفَرَقُ |
|
وَطائِراتٍ أَذَلَّ اللَّهُ سُؤْدُدَها |
أَمْسَتْ يَباباً، بِمَوْجِ الْمَوْتِ تَصْطَفِقُ |
|
سَوْطُ الْعَذابِ عَلَى الْمُسْتَكْبِرينَ هَوَى |
لَمْ يَنْجُ مِنْ لَذْعِهِ مُسْتَكْبِرٌ نَزِقُ |
|
فَاضْرِبْ بِطَرْفِكَ فِي أَرْجاءِ "عامِلَة" |
تَلْقَ الأَشاوِسَ أَسْيافَ الإِبا امْتَشَقُوا |
|
صَواعِقَ الْجَوْرِ لَمْ تُفْتِرْ عَزائِمَهُمْ |
فَهُمْ لُيُوثٌ شِدادٌ، لِلْوَغَى خُلِقُوا |
|
قَدْ عاهَدُوا اللَّهَ أَنْ يَمْضُوا بِلا وَجَلٍ |
لِلَّهِ دَرُّهُمُ، فِي عَهْدِهِمْ صَدَقُوا |
|
أَرْوَتْ جِراحُهُمُ دَوْحَ الْعَلاءِ دَماً |
وَدَوْحَةُ الْمَجْدِ يُرْوِي تُرْبَها الْعَلَقُ |
|
دِماؤُهُمْ نَطَقَتْ بِالْفَتْحِ عَنْ كَثَبٍ |
فَشَنَّفُوا مَسْمَعَ الدُّنْيا بِما نَطَقُوا |
|
هَيْهاتَ يَخْفِضُ لِلأَوْغادِ جانِحَهُ |
شَعْبٌ هُمامٌ، كِتابَ اللَّهِ يَعْتَنِقُ |
|
الْقُدْسُ مُغْتَصَبٌ، وَالظُّلْمُ مُلْتَهِبٌ |
حَتَّامَ يا أُمَّةَ التَّوْحِيدِ نَفْتَرِقُ |
|
وَالْعُرْبُ سامَهُمُ الطَّاغِي مُبايَعَةً |
يا بُؤْسَهُمْ فِي وُحُولِ الْعارِ قَدْ غَرِقُوا |
|
بخالِصِ الْحُبِّ بابَ النَّصْرِ نَقْرَعُهُ |
وَنَقْهَرُ الْخَصْمَ رُعْباً حِينَ نَتَّفِقُ |
|
وَإنْ نُبايِعْ بِأَصْواتٍ مُقاوَمَةً |
يُحْرَقْ بِغَيْظٍ يَهُودِيٌّ وَمُرْتَزِقُ |
|
يا شُعْلَةَ الْفَخْرِ، لَيْلُ الْبَغْيِ مُنْدَثِرٌ |
وَالصُّبْحُ زاهٍ فَلا رَوْعٌ وَلا قَلَقُ |
|
فَفِي "الْبقاعِ" شُمُوسُ الْعِزِّ مُشْرِقَةٌ |
وَفِي "الْجَنُوبِ" نُجُومُ الْمَجْدِ تَنْبَثِقُ |
|
تاللَّهِ ما حَلَّ مَوْتُ الذُّلِّ فِي وَطَنٍ |
أَبْناؤُهُ مِنْ نَدَى "عِيسَى الْمَسِيحِ" سُقُوا |
|
وَمِنْ نَقاوَةِ خُلْقِ "الْمُصْطَفَى" نَهلُوا |
وَمِنْ جِهادِ "عَلِيِّ الْمُرْتَضَى" لَعَقُوا |
|
لَوْلا الْبَواسِلُ ما اخْضَرَّتْ مَرابِعُنا |
وَلَمْ تُعَبَّدْ بِأَصْدافِ الإِبا الطُّرُقُ |
|
طُوبَى الشَّهادَةُ لِلأَحْرارِ فِي وَطَنِي |
نالُوا الْمُنَى، وَبِركْبِ "الْمُصْطَفَى" الْتَحَقُوا |
|
أَزْكَى السَّلامِ عَلَى الأَبْرارِ أَنْثُرُها |
ما دامَ يُشْرِقُ فِي أُفْقِ السَّما الشَّرَقُ |