مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: ثقافة الحياة..منطق الحياة

الشيخ يوسف سرور

 



تجمح النفس الإنسانية بعيداً في ابتغاء المآرب. والنفوس الوثابة يمكن لها أن تذهب بصاحبها إلى مديات أبعد، وآفاقٍ أوسع، في السعي نحو بلوغ الغايات. وكلما كانت الغاية بنظر المرء مهمة، كلما كان الاندفاع نحوها أقوى، وكان الإصرار على تحقيقها أشد، غاية الأمر أن الإنسان ينبغي له أن يكون قد وضع سُلّماً لهذه الغايات. وحيث إن الحاجات تتفاوت قوتها، فإنها سوف تختلف حينئذٍ مكانتها وأهميتها. هنا، تصبح أهمية الغاية وتحقيقها، تابعَين لحجم الحاجة وموقعها بنظر المرء؛ ويصبح السعي لتحقيق الغاية واندفاعته محكومَين بإيقاع وطأة الحاجة. ينبغي أن يكون تشخيص الحاجات محكوماً إلى موازين منطقية، وأن يكون هذا الميزان هو المصير النهائي للإنسان، والعاقبة التي يؤول إليها في نهاية المطاف.

والإنسان بفطرته بل المخلوقات بأسرها ينزع نحو الكمال في كل شيء. أي إن الإنسان يريد أن يبلغ من الغايات أقصاها؛ بحيث يستبدُّ به نزوع نحو إشباع حاجاته، حتى لا يعود يشعر بأي نقص اتجاهها. ومعلوم أن الإنسان محدود المعارف؛ فإنه مهما بلغ من العلوم والمعارف، يظل الذي يجهله وله مسيس علاقة بتحقيق غاياته وإشباع حاجاته، أكثر بما لا يقاس من مقدار ما يبلغه من العلوم. وإن الطاقة التي يحتاجها أعجز من أن تُبلِغَه غاياته وتسد حاجاته، إذا اقتصر على الإمكانات المادية، ولم تسكن نفسه إلى الإقرار بالعجز والقصور. لذلك، نحن نحتاج هنا إلى تثبيت أمرين:

الأمر الأول:
هو أن نقدر الحاجات بحيثياتها الواقعية، وأن نعترف أن الغاية الأهم عندنا بعد اعتقادنا بالآخرة وبيوم القيامة هي الفوز بالرضوان والنجاة من النيران. هنا يصبح تقدير الحاجة محكوماً إلى تلك الغاية. وكل غاية دون هذه الغاية، يجب أن تكون في سبيلها، أو على الأقل أن لا تصرف عنها، وتنحرف بالمرء عن طريقها.

الأمر الثاني:
هو الإقرار أن الذي يوصل إلى تلك الغاية هو سبيل واحد فريد، وهو الارتباط الوثيق بالله تعالى. وبغير ذلك، لا يمكن بلوغ الحسنى من العواقب، ولا الحصول على الجنان والفوز بالرضوان، والنجاة من لظى النيران. في مثل هذه الحالة، يصبح التخلي عن كماليات الحياة الدنيا، والابتعاد عن المحرمات، والتحرر من رقِّ المظاهر أمراً ميسوراً، وغاية سهلة. وحينها، تصبح قوى النفس واهتماماتها منصبة على تحقيق الفضائل، وتصبح اندفاعة المرء وثابة وشديدة باتجاه تحقيق مصلحة الجماعة، والتخفيف من الأنانية وحب الذات بمعناه السلبي. يصبح حينها بالإمكان جداً التخفف من وطأة الأزمات ومن الأعباء المادية للحياة، والاقتصار على ما يعين في تحصيل القوت وتشييد الدور والبيوت... فهذا هو المنطق القويم في الحياة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع