عباس علي فتوني
نُظِمَتْ هَذِهِ القصيدةُ في حَقّ أميرِ المُؤمِنينَ، وسَيّدِ المُتّقِينَ، الإمام علي بْنِ أبي طالبٍ عليه السلام
يَومُ الإِمامةِ أَغْبَطَتْهُ الأَشْهُرُ |
وَمَضَتْ إِلَيْهِ بالقَداسَةِ تُمْطِرُ |
وَاهْتَزَّتِ الأَرَضُونَ تَسْتافُ الشَّذا |
وَعَلَى مُحَيَّاها الأَطايِبُ تُنْثَرُ |
وَالطَّيْرُ غَرَّدَ فَوْقَ أَفَنانِ الهُدَى |
في غِبْطَةٍ آلاءَ رَبِّكَ يَشْكُرُ |
وَتَلأْلأَتْ شَمْسُ الرَّسُولِ وَكبَّرَتْ |
اللَّهُ أَكْبَرُ قَدْ أَتانا "حَيْدَرُ" |
رَجَبٌ بِهِ ضاءَتْ ثُرَيَّا المُرْتَضَى |
في البَيْتِ مُعْجِزةٌ وَجُنَّ المَحْضَرْ |
إذْ لا لِفاطِمَةٍ نِساءٌ أَقْبَلَتْ |
عِنْدَ المَخاضِ وَلا قَوابِلُ تُذْكَرُ |
لَمَّا جِدارُ الْبَيْتِ شُقَّ لِفاطِمٍ |
كُشِفَ الدُّجَى وَبَدا المُحَيَّا الْمُقْمِرُ |
لا غَرْو إِنْ أَسْمَتْهُ فاطِمُ حَيْدَراً |
إِذْ أَيْقْنَتْ أَنَّ الوَلِيدَ غَضَنْفَرُ |
وَدَعاهُ والِدُهُ عَلِيّاً حِينَما |
وَجَدَ العُلَى بعُلَى عَلِيٍّ يَكْبُرُ |
بِاللَّهِ قُلْ لِي ما أَقُولُ بِأَنْزَعٍ |
بِالخُلْقِ غَذَّاهُ النَّبِيُّ الأَطْهَرُ |
كَمْ غُصْتُ في بَحْرِ البَيانِ فلَمْ أَجِدْ |
كَلِماً بِها كُنْهَ الإمامِ أُصَوِّرُ |
بَابُ العُلُومِ وَرَمْزُ كُلِّ فَضِيلَةٍ |
مِنْهُ يَنابِيعُ التُّقَى تَتَفَجَّرُ |
سَحَرَ العُقُولَ بِعِلْمِهِ وَبِفِكْرهِ |
هَيْهاتَ يُذْكرُ عالِمٌ وَمُفَكِّرُ |
نَهْجُ البَلاغَةِ لِلْمَعارِف مرجِعٌ |
وَلِذِي البَلاغَةِ وَالفَصاحَةِ مَصْدَرُ |
وَإِذا المَنابِرُ بِالخَطابَةِ أُشْبِعَتْ |
دُونَ الأَمِيرِ فَلا يُمَجَّدُ مِنْبَرُ |
ناهِيكَ عَنْ بَأْسٍ بِمَيْدانِ الوَغَى |
مِنْ عَزْمِهِ قَلْبُ الغِوايَةِ يُقْهَرُ |
قَهَرَ الطَّغامَ بِذِي الفَقارِ وَراعَهُمْ |
فَالسَّيْفُ هاماتِ الجَحَافِلِ يَبْتُرُ |
شَهِدَتْ لَهُ الأَحْزابُ قاطِبَةً كَما |
شَهِدَتْ لَهُ "بَدْرٌ" و"أُحْدٌ" و"خَيْبَرُ" |
أَلْفَاهُ طَهَ لِلإِمامَةِ رائِداً |
فَاخْتَارَهُ خَلَفاً يَسِنُّ وَيَأْمُرُ |
وَغَدِيرُ خُمٍّ كَانَ أَمْثَلَ شَاهِدٍ |
عَجَباً لِمَنْ حقَّ الوِلايَةِ يُنْكِرُ |
عَهْدِي بِهِ بِالسَّيْفِ كانَ مُجاهِداً |
وَجِهادُهُ عَقْبَ الرَّسولِ تَصَبُّرُ |
يا حَبَّذا هَذا التَّصبُّرُ إِنَّهُ |
وَمُحَمَّدٍ لَهْوَ الجِهادُ الأَكْبَرُ |
يا شُعْلَةَ الأَنْوارِ في عَصْرِ الدُّجَى |
يا كَوكَباً بِالدُّرِّ أَضْحَى يُزْهِرُ |
أَثْنَى عَلَيْكَ اللَّهُ في آياتِهِ |
وَلَئِنْ مَدَحْتُكَ فَالمَدِيحُ مُصَغَّرُ |
آثَرْتُ في الدُّنْيا وِلايَةَ حَيْدَرٍ |
إِذْ لَم يَخِبْ مَنْ وِدَّ حَيْدَرَ يُؤْثِرُ |
وَالَيْتُهُ طُولَ الحَياةِ لَعلَّنِي |
أَنْجُو غَدْاً مِمَّا أَخافُ وَأَحْذَرُ |
يَا نَجْلَ فاطِمَ يا رَبِيبَ المُصْطَفَى |
عُذْراً فَإِنِّي في الثَّناءِ مُقَصِّرُ |
ضَمَّخْتُ أَبْياتِي بِطِيبِ ثَناكُمُ |
فَإذا القَصِيدُ يَضُوعُ مِنْهُ العَنْبَرُ |
مَا جئْتُ أُكْبِرُ بِالقَرِيضِ عُلاكُمُ |
بَلْ فِيكُمُ جِئْتُ القَصِيدَةَ أُكْبِرُ |
صَلَّى الإِلَهُ عَلى الإِمامِ المُرْتَضَى |
مَا دَامَ في الآفاقِ بَدْرٌ يَظْهَرُ |
صَلَّى الإِلَهُ عَلى النَّبِيِّ وَآلِهِ |
مَا دَامَ في الزُّرْقاءِ نَجْمٌ يُزْهِرُ |