مهداة إلى الشيخ الشهيد وسيم شريف شريف
زوري ضريحي آخر الزوَّارِ
واسقي الورودَ فبعضها أزهاري
وتخيَّري، قرب الرخامة، مقصداً
واستأنسي بطفولة التذكار
واصغي إلى صمت القبور فربَّما
يُغني السكونُ تواردَ الأفكار
قبري هناك، على الحدود، مرابطٌ
صار الجنوب محجَّة الأبرار
وتمثَّلي هول الجريمة وارسمي
بالحرف حقد عصابة الكفَّار
لا تخبريني عن "مآثر" أمتي
فلقد سئمتُ دعاية التجار
بل حدِّثيني عن "حماقة" ثائرٍ
تحيي عظامي سيرةُ الثوَّار
لا تحزني إني قضيت بواجبي
فحذار من يأس النفوس حذار
لا تحزني وليبق رأسك عالياً
فالموت مدخل جنَّة المغوار
لا تحسبيني نادماً عن فعلتي
هذا طريقي والخيار خياري
هل تسمعونني؟ فالكلام معطَّل
هذا طريقي، فاقتفوا آثاري
هذا الذي من أجله سقط العديد
من الرماح كغابة من نار
لا شعب يحتقر الدماء صراحة
إلاَّ رهين ثقافة الدولار
لا شعب يحفر في جذور سياجه!
إنَّا نعيش غرائب الأقدار
قولوا لأمي أن تنام قريرة
لا تندبوني، قد أخذت بثاري
فأنا وسيمٌ في عيون قضيَّتي
وعيون ربِّي دائم الأنوار
لا شيء ينقصني هنا فصحابتي
قلمٌ وسيفٌ: خيرة الأخيار
حولي رفاقٌ لا حواجز بيننا
والشمس تحجز قبرها بجواري
لا للدموع بهكذا عرسٍ ولا
تبكي المجرَّةُ غيبة الأقمار
لبنان أكبر من مساحة أرضه
ورجاله أقوى من الإعصار
نحن اقتحمنا، والوسيلة رايةٌ
وتعسْكَرَ الأعداء خلف جدار
النصر آتٍ بل أتى ودليله
حسن الصدى في سائر الأقطار
عودي إلى مجرى الحياة وفي يديك
بقيَّةٌ من زهرة النوَّار
نبتت على قبر الشهيد ولم تُصَبْ
مثل العقول، بلوثة الأعمار
بدمائه كتب الشهيد قصيدة
منها تفجَّرَ جدول الأشعار
فالعمر أقصر من شقاء دروبه
ومداه أطول من مدى الأسرار
هذا ترابي لن أغادر حضنه
حيَّاً وميتاً مخلصاً لشعاري
لبنان يكتب مجده فوق الذرى
فليأمن "العقلاء" في الأوكار
وأنا شهيدٌ لا أخال منيتي
تنهي حضوري فانشروا أخباري
سمُّوا وسيماً كلَّ طفل يقتدي
قبل البلوغ بحيدر الكرَّار
فأنا وعيسى والحسين شراكة
بدمائنا فزْنا على الأشرار
الريح تجري تارة عكس الهوى
وتكون أخرى رغبة البَّحار
حسين شريف