"إن الصّهاينة لم يغضّوا الطرف عن أهدافهم، ولم يتراجعوا عما قالوه بألسنتهم: "من النيل إلى الفرات"، وما زالوا مصمّمين على التّوسع للوصول إلى ذلك الحد. فالإستراتيجية الصّهيونية تقوم على الحيلة والخداع بواسطة تثبيت موطئ أقدامهم أولاً، وعندما يرسّخون موطئ قدم لهم يمارسون الضغط والهجوم والإجرام والقوة والعنف ليتقدّموا إلى الأمام ما وسعهم ذلك. وهم لا يتوقّفون إلا إذا اصطدموا بمواجهة جديّة سياسياً أو عسكرياً، فيعودوا ساعتئذ لممارسة أسلوب الحيلة والخداع حتى تسنح لهم الفرصة من جديد للتقدم إلى الأمام، مستفيدين ثانيةً من أسلوب الضّغط والعنف.
وهذا هو دينهم منذ أكثر من ستين أو سبعين عاماً حتى اليوم، أي من قبل إستيلائهم على فلسطين بخمس وعشرين سنة.
.. واليوم الخديعة الأخرى التي تمارس من أجل الاعتراف بإسرائيل هي عقد "مؤتمر التّسوية"، والذي تديره وترعاه أمريكا. هذا المؤتمر الذي أزال هاجساً كبيراً من طريق الصّهاينة من خلال اعتراف العرب بهم. وهم بمجرّد أن حصل ذلك عادوا لممارسة لعبة العنف والقوة والخيانة، وهم في هذه اللحظة يستخدمون الخبث والعنف في لبنان.. لكن أمريكا لا تعتبر خبث الصّهاينة تجاه المجاهدين إرهاباً.
.. فانظروا كيف تشوّه الحقائق وتحرف وتقلب على يد هؤلاء وانظروا كم هي هذه السياسة بعيدة عن الإنسانية. فالصّهاينة يأتون ويدخلون أرض لبنان، ويقتلون إنساناً عظيماً صالحاً، ذا شأن رفيع وهو "المرحوم الشهيد السيد عباس الموسوي"، وهم لا يقتلونه وحده بل معه زوجته وطفله، مع أنه لم يكن في ساحة قتال مباشرة معهم، وإنما كان في سيارة تسير على الطريق بشكل عادي... وأمريكا لا تدين هذا العمل الإجرامي!
(من خطبة ألقيت في يوم القدس العالمي/ 1992)