مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب بقية الله: الفرج بعد البلاء

الشيخ نعيم قاسم


هلاكُ الظالمين سنّةٌ من سنن الله تعالى في هذه الحياة، قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (الكهف: 59). ويتمثل الظلم بصيغتين أساسيتين: ظلم الإنسان لنفسه بالمعاصي والضلال والفساد، وظلم الإنسان لغيره بالتسلُّط والعدوان والقهر. وهو يتراكم في الحالتين ليؤدي إلى البلاءات المختلفة، كما يؤدي إلى الهلاك في هذه الدنيا. هناك أنواع من البلاءات تصيب الناس بسبب سلوكهم، حيث لكل عمل أثرٌ في هذه الحياة الدنيا، فإذا كانت أعماله صالحة أنتجت الأثر الصالح، وإذا كانت فاسدة أنتجت الأثر السيئ، فضلاً عمّا يترتب على كلٍّ من هذه الأعمال في الآخرة من جنةٍ أو نار.

* كيف يحل البلاء؟
روي عن محمد ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حلّ بها البلاء".

قيل: يا رسول الله وما هي؟
قال: "إذا كانت المغانم دُوَلاً(1)، والأمانة مغنماً(2)، والزكاة مغرماً(3)، وأطاع الرجل زوجته وعقَّ أمه، وبرَّ صديقه وجفا أباه، وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرمه القوم مخافة شره، وارتفعت الأصوات في المساجد(4)، ولبسوا الحرير، واتخذوا القينات(5)، وضربوا بالمعازف، ولعنَ آخر هذه الأمة أولها، فليرتقب عند ذلك الريح الحمراء أو الخسف أو المسخ(6)"(7). إنَّ ما أوردته الرواية من نتائج الفساد كالإصابة بالريح الحمراء أو الخسف أو المسخ إنما هي نماذج من الابتلاءات التي قد تترجم بصيغ مختلفة سواءً أكانت من العوامل الطبيعية كالزلازل والبراكين والأمراض، أو من العوامل البشرية في الأوضاع النفسية والصحية والاجتماعية، وبالتالي، فإن نتيجة الانحراف الإنساني بلاءات لا تحصى ولا تعد، ثم تنتهي إلى الهلاك. هذه البلاءات تنطبق على كل الأمم، أكانوا من المشركين أو من أهل الكتاب أو من المسلمين. وإذا ما ازداد الانحراف والفساد، ووصل إلى ذروته وشمولية انتشاره على الأرض، عندها لا أمل بالإصلاح واستمرارية الحياة إلاَّ بظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه، الذي يتمكن بما أعطاه الله تعالى إياه، وبما وعده به، من أن ينشر العدل في الأرض، ويعيد الإسلام بنقائه إلى مسرح الحياة، وتوجَّه ضربة قاسية للظلم والظالمين.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله كما روي عنه: "كائنٌ في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، وإنَّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يُرى، ويأتي على أمتي زمن لا يبقى من الإسلام إلاَّ اسمه، ولا يبقى من القرآن إلاَّ رسمه، فحينئذ يأذن الله تبارك وتعالى له بالخروج، فيُظهر الله الإسلام به، ويجدده، طوبى لمن أحبّهم وتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم، وطوبى لمن تمسك بهداهم"(8).

* شرّ الأزمنة آخر الزمان:
وبما أنَّ آخر الزمان ثم قيام يوم القيامة قريبٌ من عصر الظهور، حيث لا يكون الفاصل الزمني طويلاً بين ظهور دولة المهدي عجل الله فرجه وقيام الساعة بعدها، فإنَّ انتشار الفساد واشتداد البلاء على الأرض يشابه في تفاصيله ما يؤشر إلى الظهور أو يؤشر إلى قيام الساعة، وهذا ما نجده في الروايات التي تتحدث عن قيام الساعة بسبب انتشار الفساد، كما تحدثت روايات أخرى عن ظهور الإمام عجل الله فرجه عند انتشار الفساد. روى الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: سمعته يقول: "يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة - وهو شرُّ الأزمنة- نسوةٌ كاشفات عاريات، متبرجات من الدين (خارجات)، داخلات في الفتن، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلاتٌ للمحرَّمات، في جهنم داخلات"(9).

لذا، كلما زاد الفساد في الأرض، وانتشرت البلاءات الكثيرة، فإنَّها من مؤشرات عصر ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه، فلا يصيبنَّ أحداً اليأس أو الإحباط من سطوة الكفر والرذيلة، أليس الصبح بقريب؟! فلنعمل لننجو، ولندعُ الله تعالى أن يعيننا، لنصبر ونتحمل ونعمل، لنتجاوز مرحلة الابتلاءات التي تحيط بنا بانتظار الفرج.


(1) جمع دُوَلَة بالضم والفتح, ما يُتداول من المال، ويُمنع منه الضعفة والفقراء قهراً وغلبة.
(2) أي غنيمة يذهبون بها ويغتنمونها.
(3) أي يشق عليهم أداؤها ويعدون إخراجها غرامة يغرمونها ومصيبة يصابونها.
(4) بالخصومات أو بالبيع والشراء ونحوها مما نهُي عنه في المساجد.
(5) المغنيات. أما المعازف فهي الدفوف والملاهي.
(6) زعم أن مسخها إنما يكون بالقلوب لا بالصور.
(7) الشيخ الصدوق، الخصال، ص 500 – 501.
(8) القندوزي، ينابيع المودة ، ج3، ص: 283.
(9) الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج3، ص390.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع