مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تسابيح شهادة: هي... أمي...

ولاء إبراهيم حمود

 



بكيتُ أبي وهامته، وخفقةَ قلبه الحاني... وأخوَيَّ ربيعَيه، وما شوَّهْتُ إيماني... وتابعتُ مع الأيام خطواتي وظلَّ الكون يبسم لي، يمدُّ أمامي جنحيه، فترحل معها أحزاني، ويمنحني ضياء الشمس في الغسق، ويهديني بُعيد العصر، ألواناً من الشَّفق، أُضيء من أشعتها ليالي الحلم والعلم يوافيني قبيل الفجر، قبل أوبة البدر إلى أمه، أدعية تواسيني وغفراناً من الله يزهر في حديقة قلبها، الفردوسُ رضواناً؛ دعاءً من رضا أمي. بوجه الريح قد وقفت؛ تواجهها، تعاندها وتحميني، وما وهنت صلابتها، وكم ردت أعاصيرَ، أرادت ليَّ قامتِها؛ فما قدرت...

حتى بعد أن كبرت وما عجزت، وحاصرها حديد مسندٍ ناقل بزنديها، وصار لخطوها صوتٌ كنبض قلبها؛ يدعو لتوفيقي، كان الصوت يسعدني، فهي نحوي آتيةٌ ترحب بي، تقبلني ومن تحنانها الدافق تروِّيني وعندما يأزف التِّرحال؛ عيناها تودعني بفيض الدمع.. يا لجمال عينيها! قد رعتا أجيالاً من الأيتام ووجهين جميلين، قد سكنا جدار البيت والقلب وقد زفتهما يوماً عريسين مع الشهداء لله وللوطن، وما هانت وما ضعفت. وعندما أسبلت جفنيها، آيبةً إلى الله وألقت فوق وجع العمر كفيها وقد بنتاه للدنيا بتقواها، وللجنة بمسعاها، ناديت وصمت الموت يفجعني: "أيا أمي، أعرف أنَّك اشتقت للشهداء قاطبةً؛ وآن لقلبك العملاق أن يرتاح من شوقه، بلقياهم، طبت وطاب مثواك بملقاهم". أقسم أنها فتحت عينيها، تودعني بآخر نظرةٍ ولهى بلهفتها. ولمّا لمحتُ شرفتها، خاليةً لأولِ مرةٍ منها، ومن يدِها تلوِّح لي على بعدٍز ولما خلا لأول مرةٍ أيضاً صمت الليل، من إيقاع خطوتها، تلاقيني ببسمتها، وقد غامت بنظرتها نجوم الليل؛ تساءلت وجمر الحزن يكويني: "ترى كيف لأيامي أن تمضي دون قلبك أماه يرعاني بأدعيته"؟.

ولما تنفس الصبح يبكي غياب نجواها وسرت مع ندى الفجر، ومع دمعي، أشمُّ تراب مثواها، أضم رخام مرقدها وألثمه؛ رأيت الكون مغتمّاً، حزيناً، فاقداً لونه، وبسمته التي غابت غروب الشمس في الأمس. علمت حينها أن وجه الكون لا يحلو، بلا أمي، وأني كنت أرمقه بعينيها الغائمتين، مزهواً بقامتها، كان ينشر الضوء من شمسٍ، أنارتها على عمري، على دربي، حباً يملأ قلبي جهاداً ملء عينيها هي أمي. إلى روح أمي الحاجة حسيبة رشيد مهدي التي رحلت في ذكرى الشهيدة بنت الهدى قدس سرها نهار الأربعاء 8/4/2009 وقد تابعت بعد استشهاد ولديها زهير وأحمد توفيق إبراهيم إبَّان الاجتياح الإسرائيلي، في منطقة الليلكي بعد سهرهما المقاوم في محور كلِّية العلوم. في 16/6/1982 جهادها الكبير في إيقاظ الوعي لدعم المقاومة في محيطها. بعد أن كانت في عزِّ صباها، تواجه بشجاعةٍ، كلَّ المواقف التي حاولت النَّيل من أرزاق الفقراء واقتحام بيوتهم في مراحل سابقة في تلك المنطقة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع