الشاعر خليل عجمي
أيُّ أرضٍ تخضَّبت بالدماءِ |
مثل أرضِ الطفوفِ في كربلاءِ |
أيُّ قلبٍ كقلبِ زينبَ لمّا |
حَضَنَتْهُ مُقّطعَ الأعضاءِ |
أيُّ نهرٍ كنهرِ دجلةَ حُزناً |
يومَ عاد العبَّاسُ دونَ الماءِ |
أيُّ جرحٍ في الأرضِ أكثرُ نزْفاً |
من مزيجِ الدِّما بنهرِ البُكاءِ |
أيُّ شرْعٍ أحلَّ لابن زيادٍ |
بعدَ حرقِ الخيامِ سَبْيَ النّساءِ |
إيهِ، شمسَ الطفوفِ بالله رُدِّي |
كيف أمسى صباحُهُم كالمساءِ |
إنَّ يوماً كيومِهم كلَّ عامٍ |
يقفُ الدهرُ عندَهُ بانحناءِ |
عند شطِّ الفراتِ فوقَ رمالٍ |
قد توشَّتْ بالمسْكِ والحنّاءِ |
رسمَ السيفُ بالدماءِ رموزاً |
سوف تبقى مشاعلاً للفداءِ |
كم قتيلٍ على الرّمالِ تحنّتْ |
بدماهُ غزالةُ الصحراءِ |
أيُّ قوم قد حلّلوا ليزيدٍ |
قتلَهُ سبطَ خاتم الأنبياءِ |
ويزيد في القصر يشربُ خمراً |
ويناغي القرود بالصهباءِ |
فاجرٌ بالقرود والكأس يلهو |
كيف أمسى خليفةَ الخُلفاءِ |
كيف يرقى إلى الخِلافة نذلٌ |
كيزيدٍ والحكمُ للشّرفَاءِ |
ما يزيدٌ سِوى وريثِ أبيهِ |
وأبوهُ منافقٌ ذو دهاءِ |
والنبيُّ الكريم في "خُمَّ" وصى |
لِعليٍّ من بعدهِ بالولاءِ |
نكثتْ عهدَها "أُميّةٌ" لمّا |
حاربَتْهُ بأسيُفِ الجُبناءِ |
ورمتهُ على الطفوفِ صريعاً |
مع بنيهِ مخضَّباً بالدّماءِ |
يا ابنَ النبيِّ يا سِبطَ طه |
وابنَ خيرِ الأئمةِ الأوصياءِ |
أيُّ باغٍ عليك يرفع سيفاً |
يا حبيباً لفاطمَ الزهراءِ |
قاتَلَ اللهُ أمّةً ظلمَتْكمْ |
وأباحتْ أجسادَكم في العراءِ |
حرَّ قلبي على سكينةَ لمّا |
فاجأَتْها هَذيّةُ الأعداءِ |
حين كانتْ حوافرُ الخيل تغلي |
وتثير القَطامَ في الأجواءِ |
كان طفلُ الحسينِ يبكي ويشكو |
ظمأً باتَ مُلْهبَ الأحشاءِ |
فتلَقّاهُ بالسِّهامِ لئيمٌ |
وَوَجاهُ في الرّقبة البيضاءِ |
فسقى الرملَ من دموع الثكالى |
قبل أن يرتوي الرضيعُ بماءِ |
يا أكفَّ العباس بالله قولي |
كيف فارقتِ فارس الهيجاءِ |
حينَ نادَتْكِ زينبُ ودِّعيني |
جاوَبتْها مآذنُ الجوزاءِ |
وبقتل الحسين ظنَّ يزيدٌ |
أنَّه يستطيعُ قتلَ الضياءِ |
خسِئَ الوغدُ حيْثُهُ ليس يدري |
أنّ نورَ الحسينِ نورُ السماءِ |
وتمادى بالظلمِ حين تناسى |
أنّ للدِّين حقَّهُ في البقاءِ |
وحسينٌ بالطْفِّ قد كان يدري |
أنّه رَهن جدِّهِ للقاءِ |
كلّ يومٍ يزداد وهجُ حسين |
وتشعُّ الأنوارُ في الأجواءِ |
وتمرُّ الطفوف فوق بلادي |
تتهادى بعزَّةٍ وإباءِ |
فترى البدرَ في السماء حُسيناً |
وترى الشمسَ زينباً في الفضاءِ |
كلُّ أسمائنا حسينٌ عليٌ |
وربابٌ وزينبٌ في الولاءِ |
إنما الشّمِرُ لفظةَ العارِ تبقى |
ويزيدٌ من أقبحِ الأسماءِ |