نهى عبدالله
قد تبدو بعض ألعاب الفتن طفولية ساذجة، إلى حدٍّ نستغربه، خاصة عندما يظن مصمّموها أنهم سينجحون في إحداث فتنة هنا، وتفرقة هناك، أو على الأقل يحجزون مكاناً لحرب ما.. وهم ما زالوا يلعبون ضمن قواعد لعبتهم القديمة نفسها: جريمة بحق طائفة أو ملّة، تنسب لطائفة أخرى. ولم يدركوا بعد أننا حفظنا الدرس، ومللنا لعبتهم.. لكن عندما تكون الجريمة بحقّ سيد البشرية، فالقواعد تختلف.. هنا تحكم المشهد سنن وألطاف إلهية تقلب كيدهم عليهم. فكيف جاءت نتائج لعبتهم القديمة؟
على عكس توقعات اللاعبين، فالضحايا لم يعودوا صغاراً، ولم يكيلوا التهم لبعضهم بعضاً، فقد تصرفوا بطريقة أخرى؛ فلم يتظاهروا فحسب، ولم يعلنوا الإدانة فحسب، ولم يطالبوا بعقوبة مرتكبيها فحسب، ولم يقاطعوا المواقع الإلكترونية المروّجة فحسب، ولم يطالبوا بسنّ قوانين دولية تلزم الجميع باحترام الأديان السماوية فحسب.. بل توحّدوا في مشهد واحد.. ليكون ردّاً مناسباً على لعبة الفرقة. أمواجٌ عاتية من الشعوب: مسلمون بمذاهبهم المختلفة، مسيحيون بكنائسهم المتعددة، وقفوا موقفاً واحداً، يداً بيد، وحّدوا الصفوف والأصوات والمواقف.. ربما يصعب اجتماعهم في مناسبة أخرى.. كانت أجمل المشاهد على الإطلاق، لقطات إخبارية من كل البقاع تراقب حركة استنهاض واحدة، بكل اللغات، تنادي اسماً واحداً: محمدٌ صلى الله عليه وآله رسول التوحيد. محمدٌ صلى الله عليه وآله الذي علّم البشرية الخضوع بالعبادة والتسليم لإلهٍ واحد أحد، ألن يكفي اسمه وحده ليكون سبباً لتوحيد الناس.. آخر الزمان؟!