إن أساس الحكومة الإسلامية والمائز الأساس لهذه الحكومة عبارةٌ عن استقرار الإيمان، الإيمان بالله، الإيمان بتعاليم الأنبياء، وسلوك الصراط المستقيم الذي شقّه الأنبياء الإلهيّون للناس.
* الدعوة إلى الله
فإرسال الأنبياء الإلهييّن لهداية البشر وتأسيس المجتمعات الدينية والإلهيّة عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، كان بالدّرجة الأولى من أجل هذا الهدف، أي الإيمان بالله والارتباط بذاته وطريقه سبحانه، والتمسّك بتلك التعاليم التي بثّها هؤلاء الأنبياء بين الناس. ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ (الفتح: 8 9). وفي سورة الأحزاب المباركة يقول تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا*وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ (الأحزاب: 45 46). فرسالة النبي صلى الله عليه وآله هي الدّعوة إلى الله؛ وهذا هو أساس العمل. الذي يميّز بين النظام والمجتمع الإسلامي وكل المجتمعات البشرية؛ مسألة الإيمان بالله والإيمان بالغيب والإيمان بذلك الطريق الذي جعله الله تعالى للبشر من أجل سعادتهم الدنيوية والأخروية. ولو كان اليوم لنظام الجمهورية الإسلامية من كلامٍ تقوله تجاه سائر الأنظمة في العالم أو قضية تتحدى بها الأنظمة المادية فذلك من أجل هذا الإيمان.
* رفاهية المجتمع إقامة الدين
إن البشرية اليوم وبسبب عدم الإيمان ابتُليت بتلك الشقاءات الحياتية المختلفة. الإيمان بالله وطريق الأنبياء الذي يتبعه العمل بالتعاليم الإلهية ليس لأجل الارتقاء المعنوي فحسب وإن كان أهم ثماره هو ذلك الارتقاء المعنوي والتكامل الإنساني والأخلاقي؛ لأن الدنيا مزرعة الآخرة، بل إنه من خلال التحرك في الحياة الدنيا يمكن للإنسان أن يقطع المدارج والمعارج ويتكامل. لهذا فإن الحياة المادية تقع ضمن نطاق الإيمان بالله. فهذا الطريق لا يضمن السعادة المعنوية فحسب، بل السعادة المادية أيضاً، ويمكّن الناس من الحصول على كل الأشياء التي يحتاجونها في حياتهم المادية، ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ (المائدة: 66). فلو أقيم الدين وعُمل بالتعاليم الإسلامية في المجتمع فإن الناس سيصلون من حيث الرفاهية إلى حيث لا يبقى أي شيء من حاجاتهم غير متوفر. ومن حيث الاستقرار المعنوي والروحي والشعور بالأمن والطمأنينة يبرز دور الإيمان أيضاً، يقول القرآن: ﴿قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ﴾ (المائدة: 15 16)، فالقرآن يعلّم البشر طرق السلام والطمأنينة والسلامة الروحية، هذا الطريق الذي يوصل الإنسانية إلى الطمأنينة الروحية؛ وهو ذلك الشيء الذي يفتقده العالم ويؤدي إلى حال الغليان.
* العنصر الأساس الإيمان
هناك التطور المادي والتطور التقني والعلمي والثروات الطائلة الموجودة في المجتمعات ولكن لا توجد طمأنينة أو استقرار. فهذا بسبب قلّة هذا العنصر الأساس في حياة البشر الذي هو عبارة عن الإيمان. فهذه قضية أساس ينبغي التوجه إليها بالاستفادة من القرآن الكريم. إذا كنا نريد أنا وأنتم وكل واحد منا وسائر شبابنا وكل الأجيال الآتية تأمين مستقبل سعيد لبلدنا ولأنفسنا وأبنائنا، فأساس التحرّك في النظام الإسلامي هو الإيمان الذي يجب أن نحققه ليس فقط في القلب بل في العمل وفي الخطط وفي جميع التحركات.
* خطاب القائد"دام ظله" في تجمع زوار وجيران الحرم الرضوي المطهر.