سلوى صعب
اعتادت رؤيتهما، عند السابعة صباحاً من كل يوم، عجوزين طاعنين بالسن، هي على كرسيّها المدولب، وهو بظهره المحني، يقدم لها فنجان القهوة، ويتبادل معها أطراف الحديث. تمنت دوماً أن تعرف فيمَ يتحدثان.
المشهد ألفت تكراره، منذ انتقلت إلى منزلها الجديد، قبل بضعة أشهر. كان شباك مطبخها يطل على منزلهما الأرضي. فبينما كانت تحضر زوادة المدرسة لأبنائها، كانت تسترق النظر إليهما، المشهد كان مرضياً بالنسبة إليها، كناشطة في العمل الاجتماعي: "عجوز يهتم بزوجته العاجزة عن السير". مرت مدة، غاب المشهد عن الرؤية، توجست شراً، هل أصابهما مكروه؟
قررت السؤال، وقبل أن يتاح لها ذلك، وفي الصباح التالي، كانت على موعد مع مشهد آخر: "الشرفة خالية، لحظات ويظهر الرجل حاملاً صينية القهوة وعليها فنجانان". انفرجت أساريرها, واطمأنت، إنّ سوءاً لم يحصل. "يعود الرجل إلى الداخل، لحظات تمر، ويظهر من جديد، وهو يدفع أمامه الكرسيّ المدولب، ولكن... ... الكرسي كان خالياً!".
وضع الكرسيّ في مكانه المعهود وجلس، سكب القهوة في الفنجانين، وضع الأول على الطاولة الصغيرة، قريباً من الكرسي، وتناول الآخر، ليرشف منه رشفة، نظر باتجاه الكرسي، وشبح ابتسامة مرتسم على وجهه....