نهى عبد الله
بعد صبر قرون، سأله المؤمنون: "متى الفرج يا نبيّ الله؟"، فقال لهم: "كلوا هذا التمر، واغرسوا النوى، فإذا أثمر، جاء فرج الله".
ففعلوا، فلمّا أثمر، سألوه تحقيق الوعد، فأعاد عليهم الطلب مرّة ثانية، حينها أخذ الشكّ بالثلث، وارتدّوا عن دعوة نبيّهم، وأخذ الثلثان بتنفيذ الأمر. ولمّا أثمر النخل سألوه السؤال نفسه، أعاد عليهم النبيّ الأمر ثالثةً، عندها بقي ثلث المؤمنين على إيمانهم. فذهبوا إلى النبيّ الذي اختبر إيمانهم، وصبرهم، ويقينهم ثلاث مرّات مدّة خمسين سنة؛ ليتكلّل إخلاصهم بالعمل لإكمال المُهمّة؛ حتّى يتحقّق "الفرج": "بما أنّ نصاب النخل قد اكتمل، وباتت لدينا جذوع كبيرة، أعينوني على صناعة سفينة". كانت دهشة المؤمنين كبيرة: "سفينة؟! ونحن وسط صحراء أجدبت ظلماً وكفراً!". بدت الفكرة مجانبةً للصواب، حتّى بات يقول الناس وهم يرونهم يصنعون السفينة: "جُنّ القوم".
لم يخطر لأحد ما هو ذلك الفرج، وأنّ النوى التي غرسوها والسفينة التي صنعوها، ليست إلّا أدوات "الفرج" الذي يتحقّق بأيديهم حتّى يستنزلوا الرحمة، فأتت كلمة الله نجاةً للمخلصين، حين اغتسلت الأرض بماء السماء من عمل الظالمين، ولم يذر اللهُ من الكافرين ديّاراً.
كان ذلك فرج الله الأول على الأرض. واليوم، ثمّة سفينة أخرى تنتظر منّا أن نغرس نوى الإيمان والصلاح، ونصبر حتّى تستقيم بشموخ النخل وصلابته، وتثمر، لنصنعها بأيدينا في صحرائنا على الرغم من الظلم، والقسوة، والشدّة، والأقنعة؛ حينها نستنزل الرحمة، فيأتي رُبّانها عجل الله تعالى فرجه الشريف لتستوي بأمره على جوديّ قلوبنا وزماننا.
وثمّة ألواحٌ تتراءى بفعل الصادقين..