مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: يا يوسف زماننا أغثنا!

الشيخ بسّام محمّد حسين

 


لقد أخبرت الروايات الشريفة عن النبيّ وأهل بيته عليهم السلام بوقوع غيبة الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهَيَّأت الأمّة لوقوع هذا الأمر قبل أن يولد الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. ومن الطبيعيّ أنّ الأمّة عندما تفتقد حجّة الله والحبل المتّصل بين الأرض والسماء، ستقع في ابتلاءاتٍ، وانحرافاتٍ، ومحن كانت بمنأى عنها مع ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف. وقد حذّرت الروايات عن أهل بيت العصمة عليهم السلام من بعضها: ففي الرواية عن يمان التمّار قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوساً فقال لنا: "إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد(1) -ثمّ قال هكذا بيده- فأيّكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثمّ أطرق مليّاً، ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتَّقِ الله عبدٌ، وليتمسّك بدينه"(2).

وقد شبّهت بعض الروايات غيبته عجل الله تعالى فرجه الشريف بغيبة بعض الأنبياء عليهم السلام، منها: غيبة النبيّ يوسف عليه السلام(3). وفي هذا التشبيه ما يدلّ على خطورة الغيبة وأهميّتها، بحيث استدعى التحذير منها قبل وقوعها، وقد قال الشيخ الصدوق (أعلى الله مقامه): "فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب زماننا الغائب عجل الله تعالى فرجه الشريف حال يعقوب عليه السلام في معرفته بيوسف وغيبته، وحال الجاهلين به وبغيبته والمعاندين في أمره حال أهله وأقربائه(4)، الذين بلغ من جهلهم بأمر يوسف وغيبته حتّى قالوا لأبيهم يعقوب: ﴿تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ﴾ (يوسف: 95)، وقول يعقوب -لمّا ألقى البشير قميص يوسف على وجهه فارتدَّ بصيراً-: ﴿أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾(يوسف: 96)"(5).

إنّنا في حال غيبة إمامنا أمام تهديد حقيقيّ في علاقتنا بديننا وبإمامنا، نحتاج معه إلى التوفيق الإلهيّ والثبات على الدين: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ (إبراهيم: 27)؛ ولذا، ورد عن الإمام الصادق عليه السلام الحثّ على قراءة الدعاء المعروف بدعاء الغريق في زمان الغيبة: "يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا مقلِّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك"(6).

لقد كان يوسف عليه السلام بين ظهرانيّ أمّته يرعاهم ويدير شؤونهم وهو يعرفهم، وهم يرونه ولا يعرفونه، يرون فضله، ورحمته، وخيره، وبركته وهم له منكرون، ولمّا اتّضح أمره لإخوته وعرفوه، خاطبوه بلسان الإعجاب والدهشة: ﴿قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ﴾ (يوسف: 90)، وغداً عندما يظهر شبيه يوسف عجل الله تعالى فرجه الشريف سيتضح الكثير من ألطاف وجوده، وبركات جوده.

اللهمّ بحقّ يوسف زماننا، ارفع جدب سنيننا بلطف ظهوره، واسقنا مطر رحمتك بماء روحه: يا بن الحسن، ﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ (يوسف: 88).


1.القتاد: شجر له شوك، والخارط هو: الذي يضرب بيده على أعلى الغصن ثم يمدها إلى الأسفل ليسقط ورقه.
2.الكافي، الكليني، ج1، ص335.
3.كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ص 143-144.4.وفي نسخة: حال إخوة يوسف عليه السلام.
5.كمال الدين وتمام النعمة، (م.س)، ص144.
6.(م.ن)، ص352.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع