مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح الله: الحكومة الإسلامية بيعةٌ لله



ليس الإسلام مثل سائر الحكومات. وليس الاختلاف (فقط) في أن الإسلام عادل، وبقية الحكومات غير عادلة، بل توجد فروق كثيرة بين الإسلام وحكومته الإسلامية وبين الأنظمة الأخرى. وإن أحد الفروق هو "عدل" الحكومة الإسلامية. لقد اهتم الإسلام بالأمور التي تدفع الإنسان نحو المعنويات. جاء الإسلام لكبح جماح الطبيعة وتوجيه الحياة الإنسانية نحو المعنويات.

فالإسلام يشجع على التطوّر والتقدم ويسعى من أجل تحقيقه، ولذا فإن الحكومات –التي كانت في الإسلام- كانت تشتمل على جميع أنواع التمدن الذي لم يرفضه الإسلام، بل إنه بذل جهده وسعيه من أجل جرّ هذا التمدن نحو المعنويات... نحو التوحيد. وهذا فرق آخر بين الحكم الإسلامي وبين الحكومات غير الإسلامية، بين ما جاء في الدين الإسلامي وما جاء في المدارس الأخرى؛ فالمدارس الأخرى ناقصة رغم تصورها أنها متكاملة، لأن حدودها ليست أكثر من هذه النظرة. بيد أن الدين ينظر إلى النهاية، ويطلق على الطبيعة اسم الدنيا، والدنيا في لسان الأنبياء عليهم السلام تعني الدنية جداً، وأسفل السافلين الواردة في القرآن تعني هذه الطبيعة وآثارها. ورغم ذلك فإن الله تعالى وحكومة الأنبياء عليهم السلام يريدان العروج بالناس جميعاً إلى أعلى عليين حتى من هو منهم في أسفل سافلين، وهذا غير مطروح أبداً إلا عند حكومة الأنبياء. فالأنظمة الأخرى لا يهمها أن يصبح الناس إلهيين، بل إن غاية ما تشدّد عليه أن يلتزم الناس بالنُّظُم، أن لا يقوموا بأعمال تضرّ بالحكومة، ثم فليكن ما يكون.

أما الأنبياء فسبيلهم مختلف، إنهم يهتمّون بالإنسان، حتى ولو كان بمفرده. إن الأنبياء عليهم السلام يريدون بناء إنسان لا يختلف باطنه عن ظاهره، بناء إنسان يكون إنساناً أمام الناس في غيابهم، فهو إنسان في كلا الحالتين. هذا هو هدف الأنبياء، وهدفنا أيضاً في تحقيق مثل هذه المدرسة. إننا نطمح جميعاً إلى امتلاك حكومة كالحكومات في صدر الإسلام، إذ كانت عادلة، إضافة إلى أنها كانت تطبق جميع المسائل الواردة في القرآن الكريم وفي الإسلام. والجمهورية الإسلامية هي الخطوة الأولى في هذا المجال. ونحن الآن نتحمّل مسؤولية كبيرة في المحافظة على مكانة الإسلام.

* المجتمع البشري ليس مصنعاً
يطمح قادة الفكر في عالم اليوم –الذي يطلق عليه اسم عالم الصناعة- إلى إدارة المجتمع البشري كما يدار المصنع. في حين أن المجتمعات مؤلفة من البشر الذين يملكون أبعاداً معنوية وعرفانية. ويهتم الإسلام –إضافة إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها- بتربية الإنسان على أساس الإيمان بالله. ويُستخدم هذا البعد أكثر من غيره في هداية المجتمع، وهداية الإنسان نحو التعالي والسعادة. ولو كان الإيمان بالله والعمل لله في صلب النشاطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وسائر شؤون الحياة البشرية؛ لأمكن حل أعقد المشاكل العالمية في يومنا هذا. واليوم فإن الدنيا قد ابتليت بهذا المأزق، ولا تريد –في الوقت نفسه- الاستسلام لأسلوب هداية الأنبياء، غير أنه لا سبيل لها سوى الاستسلام في النهاية.

* الرسول: القانون الإلهي الناطق
إننا عندما نقول بالحكومة الإسلامية، فإننا نريدها أن تكون حكومة مقبولة ومطلوبة من الشعب، وأن تكون أيضاً حكومة يشهد لها الله بأن هؤلاء الذين بايعوا لأجلها قد بايعوا الله ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ(الفتح: 10). فنحن نريد مثل هذه اليد الحاكمة التي تكون البيعة لها بيعة لله، وعندما تطلق النيران في الحروب أيضاً، ويتحقق الرمي فيكون نور روح الله

الحكومة الإسلامية بيعةٌ لله

ليس الإسلام مثل سائر الحكومات. وليس الاختلاف (فقط) في أن الإسلام عادل، وبقية الحكومات غير عادلة، بل توجد فروق كثيرة بين الإسلام وحكومته الإسلامية وبين الأنظمة الأخرى. وإن أحد الفروق هو "عدل" الحكومة الإسلامية. لقد اهتم الإسلام بالأمور التي تدفع الإنسان نحو المعنويات. جاء الإسلام لكبح جماح الطبيعة وتوجيه الحياة الإنسانية نحو المعنويات. فالإسلام يشجع على التطوّر والتقدم ويسعى من أجل تحقيقه، ولذا فإن الحكومات –التي كانت في الإسلام- كانت تشتمل على جميع أنواع التمدن الذي لم يرفضه الإسلام، بل إنه بذل جهده وسعيه من أجل جرّ هذا التمدن نحو المعنويات... نحو التوحيد. وهذا فرق آخر بين الحكم الإسلامي وبين الحكومات غير الإسلامية، بين ما جاء في الدين الإسلامي وما جاء في المدارس الأخرى؛ فالمدارس الأخرى ناقصة رغم تصورها أنها متكاملة، لأن حدودها ليست أكثر من هذه النظرة. بيد أن الدين ينظر إلى النهاية، ويطلق على الطبيعة اسم الدنيا، والدنيا في لسان الأنبياء عليهم السلام تعني الدنية جداً، وأسفل السافلين الواردة في القرآن تعني هذه الطبيعة وآثارها.

ورغم ذلك فإن الله تعالى وحكومة الأنبياء عليهم السلام يريدان العروج بالناس جميعاً إلى أعلى عليين حتى من هو منهم في أسفل سافلين، وهذا غير مطروح أبداً إلا عند حكومة الأنبياء. فالأنظمة الأخرى لا يهمها أن يصبح الناس إلهيين، بل إن غاية ما تشدّد عليه أن يلتزم الناس بالنُّظُم، أن لا يقوموا بأعمال تضرّ بالحكومة، ثم فليكن ما يكون. أما الأنبياء فسبيلهم مختلف، إنهم يهتمّون بالإنسان، حتى ولو كان بمفرده. إن الأنبياء عليهم السلام يريدون بناء إنسان لا يختلف باطنه عن ظاهره، بناء إنسان يكون إنساناً أمام الناس في غيابهم، فهو إنسان في كلا الحالتين. هذا هو هدف الأنبياء، وهدفنا أيضاً في تحقيق مثل هذه المدرسة. إننا نطمح جميعاً إلى امتلاك حكومة كالحكومات في صدر الإسلام، إذ كانت عادلة، إضافة إلى أنها كانت تطبق جميع المسائل الواردة في القرآن الكريم وفي الإسلام. والجمهورية الإسلامية هي الخطوة الأولى في هذا المجال. ونحن الآن نتحمّل مسؤولية كبيرة في المحافظة على مكانة الإسلام.

* المجتمع البشري ليس مصنعاً
يطمح قادة الفكر في عالم اليوم –الذي يطلق عليه اسم عالم الصناعة- إلى إدارة المجتمع البشري كما يدار المصنع. في حين أن المجتمعات مؤلفة من البشر الذين يملكون أبعاداً معنوية وعرفانية. ويهتم الإسلام –إضافة إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها- بتربية الإنسان على أساس الإيمان بالله. ويُستخدم هذا البعد أكثر من غيره في هداية المجتمع، وهداية الإنسان نحو التعالي والسعادة. ولو كان الإيمان بالله والعمل لله في صلب النشاطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وسائر شؤون الحياة البشرية؛ لأمكن حل أعقد المشاكل العالمية في يومنا هذا. واليوم فإن الدنيا قد ابتليت بهذا المأزق، ولا تريد –في الوقت نفسه- الاستسلام لأسلوب هداية الأنبياء، غير أنه لا سبيل لها سوى الاستسلام في النهاية.

* الرسول: القانون الإلهي الناطق
إننا عندما نقول بالحكومة الإسلامية، فإننا نريدها أن تكون حكومة مقبولة ومطلوبة من الشعب، وأن تكون أيضاً حكومة يشهد لها الله بأن هؤلاء الذين بايعوا لأجلها قد بايعوا الله ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ(الفتح: 10). فنحن نريد مثل هذه اليد الحاكمة التي تكون البيعة لها بيعة لله، وعندما تطلق النيران في الحروب أيضاً، ويتحقق الرمي فيكون ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى(الأنفال:17). فلست أنت الذي رمى، الله هو الذي رمى، فيد المسلم هي يد الله، ظلّ الله، ويد الله هي الحكومة "الحكومة الإلهية". ويد رسول الله صلى الله عليه وآله هي يد إلهية، لأنها لم تتخلف على طول حياته المباركة عن ممارسة الأعمال الإلهية أبداً. وإن البيعة لها هي بيعة لله. وبما أن أعماله وإرادته نابعة من إرادة الله وأعماله تابعة لأعمال الله، فإن حكومته حكومة إلهية. فرغم أن النبي صلى الله عليه وآله هو الذي رمى، لكن الآية جاءت لتقول له إن الله رمى، ولست أنت. فكل ما عند الرسول تابع للقانون الإلهي، الرسول كان قرآناً ناطقاً، كان قانوناً ناطقاً.

* الحاكم غير مطروح في الإسلام
من التغييرات التي يجب أن تحصل، ويجب عليكم أيها السادة أن تبذلوا جهدكم لتحقيقها، أنه عليكم أن لا تغترّوا بكلمة حاكم. فهذه الكلمة تطلق عندما توجد أوامر وحاكم ومحكوم وتنعدم الأخوة وتكون طبقة طاغوتية وأخرى منفذة ومستسلمة لها. في حين أن هذا غير مطروح في الإسلام. فالذين كانوا يحكمون البلاد الإسلامية –التي امتدت من الحجاز إلى مصر وأفريقيا وإيران والعراق وجميع الممالك الإسلامية وحتى جزء من أوروبا- لم يتعاملوا مع الناس كالحاكم والمحكوم. وحتى أن رسول الله صلى الله عليه وآله بشخصه كان كسائر الناس، فلم يكن له بيت كبير كبيوت الحكام، ولم يكن يمتاز عن الآخرين في الأوساط العامة أبداً كما يفعل بعضهم، فيرى الناس أن هذا صدر المجلس، وهذا أدنى المجلس. فهذه الأمور غير مطروحة أبداً. كان بعض البدو القادمين من خارج المدينة لا يعرفون من هو النبي عند دخولهم إلى المسجد، لأنه كان يجلس بين أصحابه كواحد منهم، وكذلك الإمام علي عليه السلام الذي ذهب وأخذ رفشه وفأسه ليعمل في نفس اليوم الذي بايعوه فيه خليفةً للرسول صلى الله عليه وآله. فكان يعمل، وكانت يده متقرحة. ونفس الشيء يقال لباقي القادة الحاكمين، فلم يتعاملوا مع الناس من موقع الحاكم والمحكوم، بل كان الوضع والحال هو الخدمة حيث كان الحاكم خادماً للناس.

* الحكومة وسيلة
إن استلام الحكم في حدّ ذاته لا يعتبر شأناً أو مقاماً، بل وسيلة لأداء مسؤولية وتطبيق الأحكام وإقامة النظام الإسلامي العادل. قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عباس عن الحكم والقيادة بينما كان يخصف نعله بيده "ما قيمة هذا النعل؟" قال ابن عباس: لا قيمة لها. قال الإمام عليه السلام: "والله لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً (يعني قانون ونظام الإسلام)أو أدفع باطلاً (يعني القانون الظالم والأنظمة الجائرة)" (1). إذن فصيرورة الإنسان حاكماً بنفسه لا تعني سوى أنه وسيلة، لا قيمة له عند الصالحين إن لم يُستخدم كوسيلة في الخير وتحقيق الأهداف السامية. لذا فإنّ الإمام يقول –كما ورد في نهج البلاغة- "... لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر... لألقيت حبلها على غاربها..." (2).

من البديهي أن استلام الحكم لا يعني سوى توفير الوسيلة، وأنه ليس مقاماً معنوياً. إذ لو كان مقاماً معنوياً لما استطاع أحدٌ أن يأخذ هذا المقام غصباً أو أن يتركه. وإن قيمة الحكومة والقيادة هي عندما تكون وسيلة لتطبيق الأحكام الإلهية، وإقامة النظام الإسلامي العادل.  إن الأئمة عليهم السلام والفقهاء العدول مكلّفون باستخدام النظام والحكومة لتطبيق الأحكام الإلهية وتحقيق النظام الإسلامي العادل وخدمة الناس. ورغم أن الحكم لا يعني بالنسبة لهم سوى الأذى والتعب والإرهاق، ولكن ما العمل؟ إنهم مكلفون بأداء الوظيفة، فولاية الفقيه مسؤولية وأداء وظيفة. يصرح الإمام علي عليه السلام عن سبب تصديه للحكم والقيادة بأنه من أجل تحقيق الأهداف السامية، وليقيم حقاً ويدفع باطلاً. كلام الإمام عليه السلام هو "اللهم إنّك تعلم أنه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك" (3). والذي دفع الإمام ليقبل الحكومة على الناس هو "ما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم" (4).


(1) نهج البلاغة، خطب الإمام على عليه السلام ج 1، ص 80.
(2) م. ن، ص 36.
(3) م. ن، ص 13.
(4) م. ن، ص 36.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع