الشيخ علي حجازي


ينتشر في بعض المؤسّسات ومراكز العمل تصرّفات يحرّمها الشرع الإسلاميّ المقدّس. بينما المطلوب من الموظف أو العامل أن يكون أميناً في عمله صادقاً مع ربّه، ولهذا كانت هذه المقالة لتبيّن بعض المعاملات المحرّمة أو الباطلة.

1- كهرباء مراكز العمل والماء والهاتف:
قد تشهد بعض المؤسّسات وبعض مراكز العمل استهلاك الكهرباء والماء بدون دفع ثمنها لشركتيّ الكهرباء والماء، فيقوم البعض بالتعليق على الشبكة العامّة، كما ويفتحون عيارات المياه ويستعملون الكهرباء والمياه بشتى الأعذار والمبرّرات، وهذا العمل حرام، لا يجوز ممارسته. وألفت نظر هؤلاء إن كانوا مؤمنين أنّ عليهم أن يكونوا قدوة لغيرهم فلا يتهاونوا في التزام شرع الله تعالى-. وليست المسألة قدوة فقط، بل عليهم أن يسيروا في درب الهدى ويعملوا بجوارحهم ما تؤمن به قلوبهم، فإذا كانت قلوبهم موقّدة فعليهم القيام بجوارحهم بما يناسب عقيدة التوحيد. وأشدّد على نقطة أساسيّة وهي أنّه لا يوجد استثناء في هذه المسألة، حتى لو قال لكم ذلك من يدّعي العلم والحكمة، فسرقة الكهرباء والماء غير جائزة مهما كانت مؤسّساتكم ومراكزكم. وهكذا بالنسبة للهاتف فلا يجوز أيّ تلاعب مهما كان بحيث يتهرّب صاحب الخطّ من الدفع، هذا حرام وخطأ فاجتنبوه. أيها المؤمنون: اتّقوا الله وكونوا قدوة صالحة.

2- وكيل المشتريات:
إذا كلّفت الشركة أو المؤسسة أو أرباب العمل موظّفاً لديها بشراء شيء أو أكثر لأجل المؤسّسة أو ما شاكل فعلى الموظّف وكيل المشتريات أن يلتزم بالأمرين التاليين:
الأوّل: يجب عليه أن يشتري بالقيمة السوقيّة العادلة، فلا يجوز له الشراء بأكثر من القيمة السوقيّة العادلة، بل لو كان بإمكانه تأمين السلعة من السوق بأقلّ من ذلك وجب عليه ذلك، ولا يحقّ له أن يشتري بأكثر من ذلك.

الثاني: لا يجوز للموظّف الموكّل في المشتريات أن يطالب بعمولة تحت أيّ عنوان كان، ولو أنّ بائعاً أعطاه عمولة لأنّه اشترى من عنده وجب على الموظّف وكيل المشتريات ردّ العمولة إلى أرباب العمل، ولا يجوز له التصرّف بها، ولو أنّ هذا الموظّف اشترى بقيمة كان يمكنه الشراء بأقلّ منها فيكون شراؤه باطلاً.

ملاحظة: لو أنّ هذا الموظّف اشترى بالقيمة السوقيّة العادلة أو بأقّل منها ومع ذلك حصل على عمولة على شرائه هذا فلا يجوز أخذ العمولة، بل وجب ردّها إلى أرباب العمل. أيّها المؤمنون من كان موظّفاً وطُلب منه بحكم وظيفته شراء شيء لا يحقّ له بأيّ نسبة ولا عمولة، مهما كان السبب والمبرّر، فهذا خطأ وباطل وحرام. وكلّ عقد على خلاف المصلحة لمؤسّسته أو دائرته أو ما شاكل يكون باطلاً من أساسه. فاتّقوا الله.

3- مسؤول وكيل المشتريات:
ما مضى من حرمة أخذ العمولة أو بطلان العقد إذا كان على خلاف مصلحة العمل لا فرق فيه بين معارضة المسؤول الأعلى أو موافقته، فإنّ المسؤول الأعلى لا يحقّ له أن يأذن أو يجيز تصرّف الموّظف الموكل بالمشتريات بما إذا كان خلاف مصلحة الدائرة أو المركز أو ما شاكل، ولا يحقّ له أن يجيز للعامل أو الموظّف أن يأخذ عمولة. فاتّقوا الله عزّ وجلّ.

4- أغراض مراكز العمل:
لا يجوز التصرّف بأغراض العمل لغير مصلحة العمل، ولا يجوز أخذ هذه الأغراض للعامل أو غيره، فلا يجوز مثلاً أن تُهدى هذه الأغراض للموظّف أو غيره، ولو أنّ هذا المركز يحتوي على فائض من الأغراض فلا يجوز إعطاؤها لا للموظّف ولا لغيره، بل تصرف لمصلحة مركز العمل، أو تعاد إلى المسؤول الأعلى، وهذا المسؤول لا يجوز له الترخيص بإهداء أغراض العمل للموظّف أو غيره. فكلّ غرض في العمل يكون لمصلحة العمل. وكلّ موظّف أو عامل تصرّف بهذه الأغراض لأمور شخصيّة وجب عليه أن يدفع براءة ذمّة عمّا تصرّف به أو استهلكه. فاتّقوا الله تبارك.

5- الإجازات غير الشرعيّة:
يعمد بعض الموظّفين إلى أخذ إجازات بحجج غير صحيحة، فمنهم من يأتي بتقرير طبيّ مزوّر، ومنهم من يتغيّب عن العمل للضغط على أرباب العمل ليحققوا له مطالب معيّنة (كترقيته أو نقله أو غير ذلك)، ولا يكون عنده أيّ مبرّر مشروع، وهذا العمل حرام؛ لما فيه أوّلاً من الكذب، والكذب من المحرّمات الكبيرة. وبسبب أخذ الراتب بدون عمل ثانياً وهذا حرام، فكلّ موظّف تغيّب عن العمل بدون عذر لا يجوز له قبض الراتب عن يوم أو أيّام العطلة، ولا يحقّ للمسؤول الأعلى أن يتسامح في ذلك. وعلى هؤلاء المتغيّبين بلا عذر أن يردّوا إلى مؤسّستهم ما أخذوه من مال في مقابل أوقات لم يعملوا فيها. فاتّقوا الله.

6- كشف الأسرار:
بعض الموظفين في بعض الشركات أو المؤسّسات أو غير ذلك يكشفون أسرار عملهم لزوجاتهم أو أهلهم أو أولادهم أو أصدقائهم - وخاصّة الوجهاء والأثرياء-، وهذا ما قد يعرّض المؤسّسة ونحوها لمشاكل، وهذا غير جائز، واجعلوا صدوركم صندوق أسراركم، ولا تتباهوا أمام الآخرين بإفشاء الأسرار، ولا تحاولوا إبراز أنفسكم وإشهارها بحديثكم عمّا تعرفونه عن عملكم. واتّقوا الله عزَّ وجلَّ.

7- الضمان الصحّيّ:
قد يكون الموظّف مضموناً، وله شخص يخصّه غير مضمون، فيسعى المضمون لتسجيل غير المضمون على اسمه، وهذا كذب وهو حرام، وتقديم طلبات الضمان المزوّرة غير جائز. فاتّقوا الله. كما وأنّ إعطاء علب الدواء لأشخاص مضمونين ليقدّموها بأسمائهم زوراً فهذا - أيضاً - كذب وحرام. فعلى المضمون أن لا يقدّم أيّ طلب للضمان إلا ما كان صحيحاً غير مزوّر. فاتّقوا الله.

8- قانون السير:
يتنقّل بعض الموظفين في عملهم من مكان إلى آخر، إمّا بواسطة آليّات الشركة أو بواسطة آليّاتهم مع بذل الشركة لبدلات التنقّل، وفي هذه الحالة لا يجوز لهؤلاء الموظّفين أن يخالفوا قوانين السير بما يؤدّي إلى الإخلال بالنظام الاجتماعيّ، والانطلاق بآليّات العمل أو لأجل العمل لا يبرّر الإخلال بالنظام. فاتّقوا الله.

*****

تصويب في بعض المسائل الواردة في العدد السابق 217 في هذا الباب عُرضت في العدد 217 بعض المسائل غير مدقّقة، فظهر فيها حاجة إلى دقة أكثر، لذلك نعطف هذا التصويب على ما احتاج إلى توضيح:

1- الحج وأنفلونزا الخنازير
السطر الأخير في المسألة: وأما من كان يريد الحج المستحب، فهو بالخيار: إن شاء ذهب وإن شاء أجّل، إلا إذا كان في ذهابه خوف الضرر فلا يجوز.

2- الجوارب الرقيقة
لا يجوز للنساء لبس الجوارب الرقيقة أمام الأجنبي أو التي تكون ملفتة للنظر أو تترتب عليها مفسدة.

3- التوظيف في أماكن الاستشفاء
يجب على القيمين على هذه الأماكن إعداد الممرِّض المماثل لدفع وقوع المراجعة المستلزمة للنظر أو للّمس المحرّم. كما لا يجوز للرجل أو للمرأة النظر أو اللّمس المحرّم للمريض في مقام العلاج، إلا مع توقف ضرورة العلاج على ذلك، وتعذر أو تعسر مراجعة المماثل الذي فيه الكفاية.

4- ماء الشعير
فيما يتعلق بالحكم الوارد: هذا تشخيص للموضوع باعتبار أن الكاتب أحد المكلفين.

5- السمك
لا يجوز أكل السمك الذي ليس له فلس. ومع الشك في أن له فلساً أم لا، يبني على الحلّيّة إذا أحرز أنه أُخرج من الماء حياً، أو كان مأخوذاً من بلاد المسلمين أو أسواقهم أو أيديهم.