بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ
أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل عمران: 169).
صدق الله العليّ العظيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعزّ المرسلين سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد
وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
السلام على الأئمّة الهداة، والقادة الولاة، حجج الله على خلقه، أنوار الأرض
الأئمّة المعصومين عليهم السلام، الذين لولاهم لكنّا تائهين في بحر من الظلمات لا
ضوء فيه، والسلام على البقيّة الطاهرة من أهل الطهر الغائب الحاضر أبي صالح المهديّ
(أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، جعلنا الله من أنصاره والمستشهدين تحت رايته.
السلام على مفجّر ثورة المستضعفين الإمام الخمينيّ (طيّب الله ثراه)، السلام على
روّاد الحقّ والصلاح في عصر التحدّي والفلاح، الخامنئيّ المفدّى ونصر الله الأمين،
السلام على الشهداء كلّ الشهداء، الذين بدمائهم الزاكية أبحرت سفينة الحقّ وسطعت
شمس الحرية، السلام على الجرحى والأسرى، السلام على المجاهدين البواسل ورحمة الله
وبركاته.
عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام أنّه قال: "خطّ الموت على وُلد آدم مخطّ
القلادة على جيدِ الفتاة". وفي كربلاء كانت صرخته المدوية، والتي ما زالت تخترق
السنين والآذان، تكسر حواجز الصمت وتؤذن بفجرٍ جديد. يومها نادى الإمام عليه السلام:
"ألا من ناصرٍ ينصرني"، فكان الجواب في إيران الإسلام وفي جبل عامل الأشمّ: "كلّنا
معك يا سيّدي". لم يختلف الزمن ولم تختلف المرحلة، فلكلّ عصر يزيد، ويزيد هذا العصر
أمريكا وإسرائيل، فلبّيك لبّيك يا سيدي، يأبى الله لنا القعود وهناك عدوّ يتهدّدنا،
ويغتصب أرضنا المقدّسة، ويحاول أن يقضي على كلّ شعلة نور وحرية.
إخواني، هي حربنا الضروس في وجه أعدائنا، كما معركة الإمام الحسين عليه
السلام في ذلك الزمن لإحقاق الحقّ وإزهاق الباطل.
فطالما أنّنا نؤمن بأنّ نهاية حياتنا هي الموت، فهل هناك أشرف نهايةٍ لحياة الإنسان
من القتل في سبيل الله؟ فما الحياة الدنيا إلّا قنطرةٌ تعبر بنا إلى الآخرة.
ندائي إلى كلّ اللاهثين وراء الدنيا والغارقين في زخارفها ومفاتنها، أن استيقظوا من
سباتكم العميق، فلا بدّ في النهاية من ساعةٍ، ننتقل فيها إلى دار الآخرة، فهل
للعاقل المسافر في رحلةٍ ما، أن لا يحضر زاد المسير؟ فكيف بالمنتقل من الدنيا إلى
الآخرة؟ ماذا يحتاج؟ ومن باستطاعته أن يغيثه في تلك اللحظات العصيبة؟ فلا بدّ من
جمعٍ للزاد و"خير الزاد التقوى".
إخواني المجاهدين: إنّ طريق المقاومة والجهاد هي نعمة اختصّنا الله بها في
مواجهة أعداء الدين (إسرائيل وغيرها). هذه النعمة علينا التبصّر بها، والاستفادة
منها استفادةً صحيحةً تتمثّل بأداء التكليف بكلّ إخلاصٍ وإبداع. اقرؤوا وصايا
الشهداء كلّما أحسستم أنّكم أقرب إلى الدنيا من الآخرة، فإنّ هذه الوصايا تهزّ
الإنسان وتوقظه، كما عبّر الإمام الخمينيّ قدس سره.
اعملوا على حفظ أمانة الشهداء وأمانة الخطّ الحسينيّ، بالعمل الجادّ والمضني لبناء
الحالة الإسلاميّة والجيل الصالح، واهتمّوا بالعلاقة السليمة مع الناس ومساعدتهم
وإقامة الأنشطة وإحياء الشعائر، هكذا أمرنا الاسلام.
أمي الحنون: يا أعذب كلمةٍ لفظتْها شفتاي، ويا أرقّ نسمةٍ دغدغت وجهي، ويا
أجمل وردةٍ رشحت على قلبي عبير الطهر والحنان، لا تحزني لافتقادي واللقاء قريبٌ، إن
شاء الله عند السيّدة الزهراء عليها السلام لتواسيها بولدها الشهيد العطشان عليه
السلام، وتذكّري زينب عليها السلام وكربلاء كلّما طرق الحزن قلبك العطوف.
أبي القدوة، أبي المثل الأعلى والمجاهد الصابر المحتسب: لقد علّمتنا كيف
نكون مؤمنين مجاهدين ولولاك لم نكن شيئاً، لك الفخر بأبنائك الشهداء، الذين
ينتظرونك عند أبواب الجنان؛ لتتنعّم بجنّة الرحمان، لك الأجر وكلّ الشكر على
التربية الصالحة، وأرجو أن تسامحني وتدعو لي بالمغفرة.
إخوتي جميعاً: أطلب منكم السماح، وأوصيكم بالمحافظة على العلاقة المتينة
والعطوفة، والاهتمام ببعضكم البعض، وأن تهتمّوا بدينكم وأولادكم ليكونوا صالحين كما
هم أهلهم، وأن تقيموا مجالس العزاء واجعلوا مجالسكم على حبّ أهل البيت لتنالوا بذلك
لطفهم وكرمهم يوم القيامة.
زوجتي العزيزة: لقد كنت تجسيداً حيّاً للمرأة الصالحة المؤمنة، وبلسماً
للآلام، وينبوعاً للفرح والحنان. لقد تحمّلت وصبرت وجاهدت كثيراً. أرجو منك
المسامحة، وأسألك أن تهتمّي بنفسك ودينك، بالمحافظة على البرامج العبادية والتقرّب
إلى الله أكثر فأكثر، والأجر واللقاء عند الله، عند الأئمّة، في جنّة الخلد، حيث ما
لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهذا هو عزاء الفراق.
أرجو من كلّ من عرفني أن يسامحني ويسامحني ويسامحني.
والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، سلاماً مفعماً بالشوق والمحبّة، وعلى أمل
اللقاء في الجنّة، إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (الزلزلة:
7-8) صدق الله العظيم.
العبد الفقير المحتاج إلى رحمة ربّه: عليّ.
(*) شهيد الوعد الصادق، تموز ٢٠٠٦م.