دمُ الشهيد بكفِّ الله يَنهمرُ
مِن عذبه رُوّيتْ في الجنّة الخُضَرُ
سفينةٌ أبحرتْ رُبّانها بطلٌ
ألواحُها شرفٌ، من عِزّةٍ دُسُرُ
براقُهم عزمهم، معراجُهم فُوَدٌ
في الخلق نبضتُهم، للمنتهى سَفرُ
قاموا فقالوا، وصوتُ الله موجتُهم
لقمانُ يعرفُهم والخِضْرُ والغُررُ
خطاهمُ النورُ نهرٌ حيثما عبروا
تخضرُّ أرضٌ بها الأشجارُ والعِبَرُ
نبضُ الجهاد وهمْ في الله همْ سُفنٌ
عبابَ عشقهِ بالألطاف قد مخروا
وليس ما يصنعُ الغيماتِ تبْخرةً
يندى الجبينُ فيسمو المُزنُ والمطرُ
وليسَ تاريخُنا بالحبر نكتبهُ
تحيا الدّماء وكلُّ الحبر يندَثرُ
أملاكُ في الأرض إنْ تمشي بلا جِنَحٍ
فلا تظنّنَّ لحظاً أنّهم بشرُ
طهرُ القلوب كما الأمواه في عدنٍ
حرارةُ الشّوق للّقيا كما سقرُ
دمُ الشّهادة في الآفاق آيتهُ
سقاية الأرض من تحنانهم غمروا
وهذه القصّةُ الغرّاء عن علمٍ
في يومنا قلمٌ، في ليلنا قمرُ
جبشيتُ موطنُهُ في قلبه قُدُسٌ
كبريتُ معدنُهُ والأنفُسُ الحُمُرُ
إنْ تنظرِ العلمَ كلُّ البحر عِمَّتهُ
إنْ ترقبِ الحِلْمَ عينُ النهر والأثرُ
يداهُ إنْ رُفعتْ في الظهر مُحرِمةً
فالشّمسُ صافحتِ الكفّين تفتخرُ
عيناه إن دمعت في الليل هاجدةً
تهجّدَ النجمُ في عينيه والسَّحَرُ
لله سورته في عينه صُنِعتْ
نورٌ سريرتهُ قد أبدعَ القدَرُ
فكان "راغبُ" نحو الله في شغفٍ
وكان "حربٌ" فلا تبقي ولا تذرُ
إذا الحسينُ بيوم الطفّ صافحَهم
قد صافحتْهم أيادي العزّةِ السُّمُرُ
فلا نصافحُ منكَ الدّرسُ نحفظُهُ
وموقفُ الحرّ ثغرُ السّيف والوَترُ
بل نحنُ إنْ يلتقي الجمعانِ أسبقُهمْ
السّهمُ صافحَهم إذ صوّبَ البصرُ
إذا برزنا إلى الأعداء نرهبُهم
تزلزلوا كالذي يهوي ويحتضرُ
بلى سيبقى أبا الأبطالِ عاملةٌ
مدى الدّهور أباً ما مسَّهُ الكِبَرُ
طيبُ الخلائق في أكمامه الزَّهَرُ
نهرُ العلائق أعلامٌ له صفُرُ
الشيخ علي حسين حمادي