مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آداب ومستحبات: هكذا تستغني عن الطب!


السيد سامي خضرا


يكثر الحديث في هذه الأيام حول نصائح وتوصيات بشأن الصحة الغذائية، للحفاظ على لياقة الجسم وقوته وعافيته, وما ينفع وما يضر. والإسلام له في هذا المجال توصيات، لا يخفى نفعها بل ضرورتها، نتناول بعضها في الطريقة والنوعية والكيفية:

* الأكل على الشبع:
يكره الأكل على شبع أي إضافة الأكل إلى الأكل وضرر ذلك عظيم. ومن الواضح أنَّ الأكل على الشّبع، وإضافة إلى أضراره الجسدية والروحية، لا ينفع، لأنَّ الجِسْم لا يأخُذُ إلاَّ مقدارَ حاجته. كما يُكْرهُ تناوُلُ الطعامِ عِنْدَمَا لا يَشْعُرُ المَرْءُ بِحَاجةٍ إليه، فالمستحب أن يأكل في حال جوعه، لا أن يُدخِلَ الطعامَ على الطعام. فهذا عيسى ابن مريم على نبينا وآله وعليه السلام يقول لبني إسرائيل وقد وقف خطيباً: "يا بني إسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا، وإذا جُعْتُم فكلوا ولا تشبعوا، فإنَّكم إذا شبعتُم غلِظت رقابُكم، وسمنت جُنُوبُكم، ونسيتم ربَّكم"(1).

* الإكثار من الأكل:
قال الله تعالى ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف:31). حذَّر الشرعُ الحنيفُ المقدَّس، من خطورة الإكثار من الأكل، والتمادي فيه، بل حثَّ على القيام عن المائدة عند أولِ الشعور بالشبع، أو عند الشعور بالاكتفاء؛ لأنَّ التخمة تؤدِّي إلى التعب والإرهاق وضعفِ الهمَّة والنشاط والاندفاع، وعدم التوجه في العبادة وخصوصاً الصلاة والدُّعاء وقراءة القرآن، فضلاً عن أنَّها تجعل المرء يميل إلى حبِّ الدِّعَةِ والنوم، ورُوِيَ أنَّ المُؤمن يأكلُ بِمِعاء واحد، والكافرَ كما المنافقَ يأكل بسبعة أمعاء. وعن مولانا الصادق عليه السلام قوله: "إنَّ الله يبغض كثرةَ الأكل"(2). وعنه عليه السلام: "إنَّ البدن ليطغى من أكله، وأقرب ما يكون العبد من الله، إذا جاع بطنُه، وأبغضُ ما يكونُ العبدُ إلى الله، إذا امتلأ بطنه"(3). ويُروى عن مولانا الصادق عليه السلام قولُه: "كل داءٍ من التخمة ما خلا الحمى، فإنَّها ترد وروداً"(4). ويستحب تصغير اللقمة ومضغها جيداً ولا يخفى ما في ذلك من فوائد معنوية ومادية. روي عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام: "أطيلوا الجلوس على الموائد, فإنَّها أوقات لا تحسب من أعماركم"(5).

* فوائد الخضار على المائدة:
المستحب وجودُ البقول والخضار على المائدة، والأكلُ منها، ويكرهُ خُلُوُّها عن ذلك، ومن نافلةِ القول الإشارةُ إلى فوائد الخضار الطازجة. روى حنان، قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام على المائدة، فمال على البقل، وامتنعتُ أنا منه لعلَّةٍ كانت بي، فالتفتَ إليَّ وقال: "يا حنان، أما علمتَ أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يُؤتَ بطبقٍ إلاَّ وعليه بقل؟ قلتُ: ولمَ؟ قال: لأنَّ قلوب المؤمنين خضرةٌ، فهي تحنُّ إلى شكلها"(6). ورُوي أنَّ الإمام عليه السلام بعث إلى أحدهم، وأجلسه للغداء، فلما جاؤوا بالمائدة، لم يكن عليها بقل، فأمسك يده، ثم قال للغلام: "أما علمتَ أنِّي لا آكل على مائدةٍ ليس فيها خَضْرةٌ؟ فائتني بالخُضرة، فذهب الغلام وجاء بالبقل، وألقاه على المائدة، فمدَّ يدَه فأكل"(7).

* العشاء قوة الشيخ والشاب:
وإن كان شائعاً عند بعض الناس أنَّ وجبة العشاء ليست أساسية إلا أنَّ النصوص الشرعية تقول باستحباب طعام العشاء وكراهية تركه. وتشتد كراهية ترك العشاء للرجل الكبير في السن فلربَّما يحتاج أكثر من غيره للطاقة أو الغذاء. روي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله أنَّه قال: "لا تَدَعوا العشاء، ولو على حشفةٍ، إني أخشى على أمتي من ترك العشاء الهرم، فإن العشاء قوةُ الشيخ والشاب"(8). عن مولانا الرضا عليه السلام: "... فلا يَدَعَن أحدكم العشاء ولو لقمة من خبز، ولو شربة من ماء"(9). وروى هشام بن الحكم عن مولانا الصادق عليه السلام: "أول خراب البدن ترك العشاء"(10). وجَاءَ عن مولانا الصادق عليه السلام: "الشيخ لا يدع العشاءَ، ولو لقمة"(11). وعن المفضَّـل بن عمر، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ليلةً وهو يتعشَّى فقال: يا مفضَّل، ادنُ (أي اقترب)، فكـُلْ، قلتُ: قد تعشَّيت، فقال عليه السلام: ادنُ فكُل، فإنَّه يستحب للرجل إذا اكتهل أن لا يبيت إلا وفي جوفه طعام حديث، فدنوت فأكلت"(12). ولهذه الروايات نظائر عديدة، وقد فَسَّر الإمام الصادق عليه السلام معنى الكهل والشيخ، فيما رواه عنه الحسنُ بن علي بن شُعبة، في تحف العقول، حيث قال عليه السلام: "إذا زاد الرجل على الثلاثين فهو كهل، وإذا زاد على الأربعين فهو شيخ"(13). فقد جاء عن علي بن أبي علي اللَّهبي، عندما سأله الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: ما يقول أطباؤكم في عشاء الليل؟ فقال: إنَّهم ينهوننا عنه، فقال عليه السلام: لكنني آمركم به(14).

* نصيحة جامعة:
وفي نصيحة جامعة، لا ينافسها في شمولها وإيجازها أحسنُ النصائح الطبية، عن عليّ عليه السلام يوصي ابنه الحسن عليه السلام قائلاً: "ألا أعلِّمُكَ أربع خصالٍ تستغني بها عن الطِّب؟ قال: بلى! قال عليه السلام: لا تجلِس على الطعام إلاَّ وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلاَّ وأنت تشتهيه، وجوِّد المضغ، وإذا نِمْتَ فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملتَ هذا استغنيت عن الطب"(15).


1- وسائل الشيعة: ج16، ص502، ح10.
2- الدعوات، قطب الدين الراوندي، ص139.
3- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج16، ص408.
4- مستند الشيعة، المحقق النراقي، ج15، ص260.
5- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج16، ص234.
6- وسائل الشيعة: ج16، ص638، ح1.
7- المصدر نفسه، ح2.
8- المصدر نفسه، ص567 ح8.
9- المصدر نفسه، ص566، ح5.
10- المصدر نفسه، ح1، باب 46.
11- المصدر نفسه، ح3.
12- المصدر نفسه، ص570، ح7.
13- الوسائل، ج16، ص570، ح8.
14- المصدر نفسه، ج 16، ص568، ح2.
15- المصدر نفسه، ص501، ح8.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع