مر عهد الصبا ورحلت أيامه المفعمة طهراً وصفاءً، وانتهى عهد الدلال ورعاية الوالدين
وتضحياتهما... مر كل هذا دون عودة كحلم ورديّ، وها نحن نعيش مرحلة أخرى وعهداً
زاخراً بالمسؤوليات الجسام.. إنها مرحلة التأمل والتدبير والتكامل...
مرحلة تتطلب منا أن
نقف على أقدامنا ونفكر في المستقبل... ومن المؤكد جداً إننا إذا لم نفكر بأنفسنا
ومن أجل أنفسنا فإنه لا يوجد من يفكر نيابة عنا ويتحمل مسؤولياتنا.
إن أعباء الحياة الجسام وطول الطريق يدفعنا إلى التفكير والبحث عن شريك يخفف عنا
قدراً من تلك الأعباء، شريك يتحمل معنا مصاعب الطريق ومتاعب الحياة، إنسان يشاركنا
حلاوة الحياة ومرارتها، إنسانٍ يدركنا ويتفهمنا، يفرح لفرحنا ويحزن لحزننا، إنسانٍ
يقوم بدور المنقذ إذا ما هاجمتنا أمواج الحياة، وأخيراً: شريكٍ في كل شيء، ومن أجل
كل شيء، شريك ورفيق درب يبدد بأنسه وحشة الطريق.
انطلاقاً من كل ما ذكرنا، نسعى إلى تشكيل الأسرة، وعلى ضوء ذلك نحاول أن نصلح أو
نعالج أو نرمم البناء الأسري. ومن خلال ذلك نحاول أن نتعرَّف إلى أهداف الزواج لكي
تتضح لنا الحقيقة بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون.
وإذا كان واقع أسرنا كما يبغي فلنسعَ إلى التكامل أكثر فأكثر والمضي قدماً نحو
الهدف المنشود. وإذا كان الواقع عكس ذلك أو صورة مشوّهة عنه فلنبادر إلى مراجعة
أنفسنا وإنقاذ البقية الباقية من عمرنا قبل فوات الأوان.