إن من يبتغي الفوز بوصال مولاه الإمام بقيّة اللَّه (أرواحنا فداه).. فعليه بما
أوتي من قدرة أن يوجد مشابهة ومجانسة روحيّة بينه وبين الإمام عليه السلام.
إنّه لمن المحال على سبيل المثال على من هو حقود، يغتاب ويفتري ويحقّر الآخرين.. أن
يرتبط محبّة ورفقة ووصالاً بالمولى الذي هو مظهر للَّه الستّار للعيوب، والذي هو
المرآة الأصفى التي يتجلّى فيها اللَّه (تعالى) الغفّار للذنوب كامل التجلّي. وهو
خليفة اللَّه (سبحانه) الذي نخاطبه في دعواتنا بـ"يا من أظهر الجميل وستر القبيح".
وعلى المرء أن يمل جهده لتنمية الخصال الخيّرة في داخله... كأن لا يكشف عيوب الناس،
ويصفح عن أخطائهم ويعفو، وينشر محامد الآخرين، ويغضي عن الأسوأ.
كنا ليلة مدعوّين في نزل
صديق من أصحاب الثروة والمال. وبعد تناول طعام العشاء.. اقترح أحد محبّي إمام العصر
عليه السلام أن يصار إلى التوسل لاستدرار ألطاف من الإمام وفيوضات. وكان من
المنتظر أن يوافق المدعوّون وهم من أهل الإقبال على ما اقترح. كان مجلساً طيّباً..
تضرّع خلاله أحد الكبراء بإلحاح ليحضر الإمام بقيّة اللَّه (أرواحنا فداه) في
المجلس، ويشارك الحاضرين في الدعاء.
قال أحد المدعوّين: ألقي في روعي أن الإمام عليه السلام قد حضر، لكنّه لم
يدخل، وظلّ خارج الدار. وتساءلت عندئذ في سرّي: لماذا لا يدخل الإمام الدار،
فينوّر مجلسنا؟! فجاءني الجواب: لا أدخل الدار لوجود إشكال في ملكيّتها.
عندها قال هذا الرجل: إذً...
ينبغي أن نخرج نحن بأسرع وقت من هذه الدار. فقال له الإمام عليه السلام: لا،
قد أذنت لكم بالولاية التي لي أن تمكثوا إلى الوقت الذي كنتم قد حدّدتموه، ولا
تفضحوا الرّجل. وإنما أقول لك هذا ويمكنك أن تقوله لبعض أصحابك لتذكّروا صاحب الدار
لكي يصلح وضع داره، وتلقوا عليه الحجّة.. فلعلّه في غفلة.
أرأينا إذاً كيف تعامل الإمام عليه السلام مع الموضوع... فلم يشأ أن يخرج
هؤلاء من الدار لئلاّ يذهبوا بكرامة رجل مؤمن يسكن في دار مغصوبة... إمّا بسبب حب
الدنيا، أو بسبب الغفلة، فيفشي عيبه أمام ضيوفه الحاضرين. وإذا ما أخبر به شخصاً
واحداً أو بعض الأشخاص، فما ذلك إلا ليعملوا على تذكير صاحب الدار وإيقاظه من غفلته،
أو إلفات نظره إلى ذلك الإثم.
وعلى هذا... فإنّه ينبغي لمحبّي الإمام وليّ العصر عليه السلام أن يسعوا
ليكونوا مظهراً للصّفات الإلهيّة، فيغدو كلّ منهم "ستّار العيوب، وغفّار الذنوب".
ومن النافع في هذا السياق أن نذكر أنّ أحد أولياء اللَّه (تعالى) كان يقول: إنّ
الإكثار من ذكر: "يا ستّار العيوب، ويا غفّار الذّنوب" مع التوجّه القلبيّ... يوفّق
الإنسان ليتحلّى بهاتين الصّفتين.