أخبرني لماذا تبقون فيها:
... ويمر العام الثالث تفتقد الأيام الأرضية عجوز جمران. وتعود الذكرى لتبعث في القلوب شجون الفراق، وتشعل في الصدور بركان الأحزان، تنطلق حممه في كل أرجاء بلاد المستضعفين الذين رأوا فيه ثورة سقوط عروش الظالمين..
في هذا العام سنجتمع به معاً لنأخذ منه بيعة..
بيعة على الشفاعة عند جده وأمه وآبائه الطاهرين..
أليس هو الشهيد على عصر أمتنا، وقد بلّغ عن جدّه الحسين حاملاً رايته منتظراً دولته.. أليس هو الذي أيقظ فينا روح اللقاء، فحوَّل أرواحنا إلى بوارق تنتظر مشهدَ السرِّ ومحضرَ المعشوق.
أليس هو الذي كان يدعو ربه في مناجاة الليالي ودعوة الشعوب: اللهم لا تُغلق بابَ الشهادة على هذه الأمة أبداً.
فلماذا كان يدعو ليراق دمنا؟
دمنا يراق ليروي شجرة الإسلام العزيز التي أيبستها افتراءات الظالمين، وعطلت حدودها أفعال الطاغين وقطعت أعضاءها أكاذيب وُعَاظ السلاطين..
دمنا يجب أن يراق في بحار الشهادة، ليتحول أمواجاً عاتية وأنهاراً متدفقة تغسل عارَ الخذلان وفضيحة السكوت عن أكثر من ألف سنة كانت تمخر فيها سفينةُ حياتنا متاهاتِ الجهل والضياع.
شجرةُ الإسلام لن تُبعث إلى الحياة إلا بعد أن تتساقط أمطار الولاية من كل قطرة بيعة وطاعة منّا.
فموتوا في سوح الجهاد
تكتب لكم الحياة الأبدية
ما زلنا في أول الطريق
كلمة قالها سيّد خُمَين حين أعلن للملأ من قومه بزوغ فجر الحرية.. ورددها رجل قم بُعيْد كل انتصار في ساحات الجهاد الأصغر، حين كانت قوافل العشاق تتسابق في مضمار الفناء تريد أن تصبح أسراب العروج إلى البقاء.
في ذكراه التي طالما دعوتُ أن لا تتكرر عليّ وأنا بعيد مجاف، أحمل جراحاتي التي امتزجت بدماء الشهداء أقدمها له أسأله بقلب لهوف.
سيدي هل أعدنا كربلاء، كما أمرتَ.
وهل وفينا لسيد الشهداء، كما طلبتَ؟
فيعود الجواب يصدع في أرجاء البلاد: ما زلنا في أول الطريق، لم ننس أن ثورة التمهيد احتاجت دماء مطهري وبهشتي وطالقاني ومدني وآخرين. فكيف بثورة تريد حضور الولي الأعظم، تدعوه بلواء النصرة، تقطع معه غمار الصعاب وزلازل الفتن وتواجه أعتى قوى التاريخ ومستكبري العالم.
مَضَيْنا وسيمضي من بعدنا رجال ما زال يبكون على محراب الكوفة وجسر بغداد. يختزنون آلام سجن الطبيعة فينثرون دماءهم طلباً للفكاك، وهرباً من الأسر. يضربون بعرض الجدار أمانيَ إبليس ودعوات التخاذل وغرور الدنيا.
ليحلقوا إلى الملأ الأعلى