مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

وصية الشهيد فوزي أيوب (أبو عباس)(*)


﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (التوبة: 20).

إنّ فلسفة الجهاد في سبيل الله تعالى تسمو عمّا يجول في عقولنا، وما نعايشه من الأحداث عبر الأيام التي تمرّ علينا. وإنّ عظمة "الدرجة" في الآية الكريمة، التي نزلت [في حق](1) الإمام عليّ عليه السلام عندما فاخر [عمّه] العباس، حين قال عليه السلام: "أنا صاحب الجهاد"، تتجلّى في تعبيره عن علاقته مع ربه: "إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك"(2).

إنّ خوف الأمير عليه السلام من النار وكل جحيمها، يضمحلّ أمام خوفه عليه السلام من فراق الحبيب الأقدس. إنّ التلذُّذ بعبادة الله، والتمتّع بالنظر إلى وجهه الكريم، تسقط أمامهما أنعم الجنان، والأنهر، والحور العين، وغيرها. إنّ لذيذ مناجاة الله، والجلوس في المسجد، والضرب بالسيف، كلّها أحب إليه عليه السلام من جلوسه في الجنة، فهكذا [ورد عنه](3) في دعاء كميل: "وهبني صبرت على عذابك، فكيف أصبر على فراقك؟"(4).

إنّ لذّة الجهاد في صفوف المقاومة الإسلاميّة وانتصاراتها، لا يمكن وصفها. إنها صورة ملكوتيّة رائعة، تسمو عن ماديّات هذا العالم، ولا سيما ذلك الحبّ والحنان، والعناية التي يقسمها الله لعبده المجاهد في سبيله. إنّه يباهي به الملائكة -ما زال لابساً لامة حربه- وينجِّيه وينصره هو بنفسه، وتُفتّح له أبواب السماء.

لقد ساعدني إخوتي الشهداء في رحلتي إلى فلسطين وخلالها، لقد رأيت الجبال والأشجار تسجد لله في كفرحونة، وسمعت تسبيح الملائكة، هذه السعادات رافقتني في رحلتي نحو الله، في صفوف المقاومة الإسلامية.

رأيت في عالم الرؤيا أثناء الكمين على منعطف "المطحنة" عام 1995م، أن الإمام عليّاً عليه السلام يقتل بسيفه ثلاثة من الأعداء، وبعد أربع سنوات قتلت ثلاثة [من] اليهود في المكان نفسه، ﴿هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً (يوسف: 100)، ما جعلني أصلّي بخشوع بعدها لمدة أشهر، ولقد بشَّرني ربّي وخالقي بالسعادة.

أرحل إلى ربّي وقلبي مفعم بحبّ الله، وحبّ أهل البيت عليهم السلام. ولولا أن أُمرنا بالخوف والرَّهبة والوجل، لما تركت في قلبي مكاناً للخوف، محسناً ظنّي بالله الحبيب.

إنّ المجاهد في سبيل الله، على هدى وخُطى أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم)، يخطو خطوات واسعة وسريعة بلحظات، ما يخطوه غيره من العباد والعلماء بسنين طويلة، كما ذكر العارف الإمام الخميني قدس سره: إنّي لا أوصيكم أيّها الناس أن تسلكوا طريق الجهاد في صفوف المقاومة الإسلاميّة، ولكن أنصحكم بالنهل من هذا المعين -مع أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا- الذي يحييكم.

أشكر الله تعالى على ما منَّ عليَّ من نِعم، وأستغفره لي ولكم من كلّ ذنب، وأتوب إليه، إنّه قريب مجيب.

وأشكر إخوتي وأساتذتي في المقاومة الإسلامية، ورحم الله الإمام الخميني العظيم، مفجِّر الثورة الإسلامية، ومحيي قلوبنا، الذي علَّمنا كيف نفتخر بـ"الصحيفة السجادية" زبور آل محمد، ونهج البلاغة، وتوحيد الأفعال، والمناجاة الشعبانيّة.

أوصي إخوتي المجاهدين بتدبّر آيات الله، و[القراءة في] تفسير الميزان، وصلاة الجماعة، والمحافظة على الصلاة، وصلة الأرحام، وإعطاء هذه النفس فرصة التعرّف إلى الله والحب، من خلال المداومة على صلاة الليل، ومطالعة أخبار أهل البيت عليهم السلام.

أوصي أرحامي بحبّ المقاومة والمجاهدين، فإنّ المرء يحشر مع من يُحب يوم القيامة. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


(*) استشهد دفاعاً عن المقدسات، بتاريخ 26/1/2012.
1- المحقِّق.
2- ورد الحديث مع بعض الاختلاف. انظر: روض الجنان، الشهيد الثاني، ص27.
3- المحقِّق.
4- من دعاء كميل، إقبال الأعمال، ج3، ص335.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع